باب فى طلاق السنة.

باب فى طلاق السنة.

حدثنا عثمان بن أبى شيبة حدثنا وكيع عن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن سالم عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهى حائض فذكر ذلك عمر للنبى -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « مره فليراجعها ثم ليطلقها إذا طهرت أو وهى حامل ».

الطلاق المشروع هو أن يطلق الرجل امرأته طلقة واحدة وهي طاهر، دون أن يجامعها في ذلك الطهر، ويسمى الطلاق السني، وأما الطلاق المنهي عنه فهو أن يطلق الرجل امرأته أكثر من طلقة في لفظ واحد، أو يطلقها وهي حائض، أو في طهر قد جامعها فيه، وهو ما يسمى الطلاق البدعي
وفي هذا الحديث يروي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه طلق زوجته -واسمها آمنة بنت غفار، وقيل: آمنة بنت عمار، وقيل غير ذلك- في زمن حيضها ولم تطهر بعد، وكان ذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب والده عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله عن حكم هذا الطلاق الذي وقع في حال الحيض: هل هو جائز أم لا؟ وهل هو واقع أم لا؟ فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر ابنه عبد الله أن يراجعها إلى نكاحه، ثم ليمسكها عنده، «حتى تطهر» من الحيضة التي طلقها فيها، «ثم تحيض» حيضة أخرى، «ثم تطهر» من الحيضة الثانية، ثم بعدما تطهر من الحيضة الثانية، إن شاء أمسكها في نكاحه، وإن شاء تطليقها طلقها في الطهر الثاني قبل أن يجامعها، فتلك الحال التي هي الطهر هي زمن الشروع في «العدة التي أمر الله عز وجل أن يطلق لها»، أي: فيها «النساء»، وذلك في قوله تعالى: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} [الطلاق: 1]، أي: طلقوهن مستقبلات لعدتهن، أي: في الوقت الذي يشرعن فيه في العدة، وزمن الحيض لا يحسب من العدة، فإذا طلق فيه لم يقع طلاقه في الحال التي أمر الله بها، وهو استقبال العدة والدخول فيها، وهو أن يقع الطلاق حال طهرها، لا حال حيضها؛ وذلك أنها بالطهر تقدر على إحصاء عدتها، وهي ثلاثة قروء، والقرء هو الطهر، وقيل: الحيض
وفي رواية زاد محمد بن رمح -أحد رواة الحديث-: أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن طلاق المرأة في الحيض، قال للسائل: فإن كنت طلقت امرأتك طلقة أو طلقتين، فراجعها؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني بالرجعة، وإن كنت طلقتها ثلاثا، فقد بانت منك، فلا رجعة لك عليها، وقد حرمت عليك «حتى تنكح زوجا غيرك» فيجامعها، ثم يطلقها، وبعد أن تنقضي عدتها تحل لك مرة أخرى
وتكون بفعلتك هذه قد عصيت الله وخالفته «فيما أمرك» به، «من طلاق امرأتك» في حال الطهر الذي جامعتها فيه؛ حيث قال جل وعلا: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} [الطلاق: 1].
وهذا يبين أن الطلاق يقع، سواء إذا كان سنيا أو بدعيا، فلا يلزم من كون الطلاق البدعي منهيا عنه عدم وقوعه، فقط يلحق الإثم من تعمده مع حصول الطلاق
وفي رواية عند مسلم قال أنس بن سيرين لابن عمر رضي الله عنهما: «هل اعتددت بالتي طلقتها وهي حائض؟» وحسبتها واحدة من التطليقات الثلاث، «قال عبد الله بن عمر: فما لي لا أعتد بها وإن كنت قد عجزت واستحمقت؟»، أي: إن عجز عن فرض فلم يقمه، أو استحمق فلم يأت به، أو إن عجز عن الرجعة وفعل فعل الأحمق، أيكون ذلك عذرا له، أو يسقط حمقه عنه الطلاق، أو يبطله عجزه؟! وهو استفهام إنكار، وتقديره: نعم، تحسب، ولا يمتنع احتسابها لعجزه وحماقته
وفي الحديث: حرص الإسلام على تضييق دائرة الطلاق قدر المستطاع، وإن حدث يكون دون وقوع ضرر على أحد الزوجين
وفيه: أن الزوج يستقل بالرجعة دون الولي.