باب في القوم يجلسون ولا يذكرون الله3
سنن الترمذى
حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي قال: حدثنا موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري، قال: سمعت طلحة بن خراش، قال: سمعت جابر بن عبد الله، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله»: «هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم» وقد روى علي بن المديني، وغير واحد عن موسى بن إبراهيم، هذا الحديث
ذِكْرُ اللهِ سبحانه وتعالى ودُعاؤُه هو الوسيلةُ التي ينجو بها العبدُ في الدُّنيا والآخِرةِ، وقد بيَّن لنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَضْلَ الذِّكرِ، وعلَّمَنا أنواعًا نَفيسةً منه.وفي هذا الحديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أفضَلُ الذِّكْرِ: لا إلهَ إلَّا اللهُ"، أي: أحسَنُ الذِّكرِ هو: لا إلهَ إلَّا اللهُ؛ فهي كلمةُ التَّوحيدِ، والتَّوحيدُ هو الرُّكنُ الأوَّلُ في الإسلامِ، فلَها بُعِث الرُّسلُ، وامتُحِنوا هم ومَن معهم، وقيل: المرادُ مِن الحديثِ أنَّها أفضلُ الذِّكرِ بعدَ القرآنِ؛ لأنَّه أفضلُ الذِّكرِ على الإطلاقِ، وقد يُقالُ: إنَّ المرادَ بالحديثِ الكلمةُ، وهي لا إلهَ إلَّا اللهُ، وهذا لا يُنافي أفضَليَّةَ القرآنِ ككُلٍّ، "وأفضَلُ الدُّعاءِ الحمدُ للهِ"، أي: أحسَنُ الدُّعاءِ قولُك: الحمدُ للهِ، والدُّعاءُ يَعني: الطَّلَبَ، وقولُك: الحمدُ للهِ، يَكونُ على نِعمةٍ مِن نِعَمِ اللهِ سبحانه وتعالى، وتَعني بذلك استِجلابَ المَزيدِ مِن نِعَمِه، وقالَ تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]، وقيلَ: هو إشارةٌ إلى قولِه: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6].
وقد قيلَ: إنَّ "لا إلهَ إلَّا اللهُ" فيها اسمُ اللهِ الأعظَمُ، ووَرَدَ عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ قالَ: "إنَّ الرَّجُلَ إذا قالَ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، فهي كلمةُ الإخلاصِ التي لا يَقبَلُ اللهُ عمَلًا حتى يَقولَها، فإذا قالَ: الحمدُ للهِ، فهي كلمةُ الشُّكرِ التي لم يَشكُرِ اللهَ أحدٌ حتى يقولَها".
وفي الحديثِ: الحثُّ على الإكثارِ مِن ذِكْرِ اللهِ بتَوحيدِه. وفيه: الحثُّ على الدُّعاءِ، وأنَّ أفضَلَه هو حَمْدُ اللهِ.