باب ما جاء في الترجيع في الأذان
سنن الترمذى
حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، قال: أخبرني أبي، وجدي جميعا، عن أبي محذورة، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقعده، وألقى عليه الأذان حرفا حرفا» قال إبراهيم: «مثل أذاننا»، قال بشر: فقلت له: أعد علي، فوصف الأذان بالترجيع: «حديث أبي محذورة في الأذان حديث صحيح، وقد روي عنه من غير وجه» وعليه العمل بمكة، وهو قول الشافعي "
كان أبو مَحْذُورةَ قدْ لقِيَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في بعضِ الطُّرقِ وهو راجعٌ مِن غزوةِ حُنَينٍ، ولم يكُنْ أسلَمَ بعدُ، فلمَّا سمِع أبو مَحْذُورةَ أذانَ المُسلِمين جعَل يُحاكي الأذانَ مُستهزِئًا به وساخِرًا، فسمِعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الصَّوتَ، فأرسَل إليه فجاءَه حتَّى وقَف بين يدَيْه، ومَنَّ اللهُ عليه بالإسلامِ، وفي هذا الحَديثِ يَروي أبو مَحْذُورةَ: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أقعَدَه"، أي: ليُسمِعَه ويُعلِّمَه الأَذانَ، "وألْقَى"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "عليه الأَذانَ حرفًا حرفًا"، أي: كلمةً كلمةً، والمرادُ: إظهارُ ما كان عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن حِرْصٍ على تَعليمِ أبي مَحْذُورةَ وتَثبيتِ حِفظِه له.
قال إبراهيمُ، وهو ابنُ عبدِ العزيزِ بنِ عبدِ الملِكِ بنِ أبي مَحْذُورةَ: "مِثْلَ أَذانِنا"، أي: إنَّه عَلَّمه الأذانَ الَّذي يُؤذِّنون به إلى يومِهم هذا. قال بِشرٌ، وهو ابنُ مُعاذٍ: "فقلتُ له"، أي: لإبراهيمَ: "أعِدْ علَيَّ"، أي: صِفةَ الأذانِ، قال بِشرٌ: "فوصَف الأذانَ بالتَّرجيعِ"، والتَّرجيعُ في الأذانِ: هو العَوْدُ إلى الشَّهادتينِ مرَّتينِ برَفْعِ الصَّوتِ، بعد قولِهما مرَّتينِ بخَفْضِ الصَّوتِ، كما جاء في رِوايةٌ أخرى توضيحُ صِفةِ التَّرجيعِ، وفيها: "قلتُ: يا رسولَ اللهِ، علِّمْني سُنَّةَ الأذانِ"، وفيه: "ثمَّ تقولُ: أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ، أشهَدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، تخفِضُ بها صوتَك، ثمَّ ترفَعُ صوتَك بها".
وفي بعضِ الرِّواياتِ: فكان أبو مَحذورةَ مُؤذِّنَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بمكَّةَ.