باب ما جاء في الرجل يصبح جنبا وهو يريد الصيام 2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن فضيل، عن مطرف، عن الشعبي، عن مسروق
عن عائشة، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبيت جنبا، فيأتيه بلال فيؤذنه بالصلاة، فيقوم فيغتسل، فأنظر إلى تحدر الماء من رأسه، ثم يخرج فأسمع صوته في صلاة الفجر.قال مطرف: فقلت لعامر: أفي رمضان؟ قال: رمضان وغيره سواء (1).
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نعم المُعَلِّمُ والمُرَبِّي لأُمَّتِه، وقد علَّمَها بالقولِ والفعلِ، ومِن ذلك: أنَّه علَّمَها أُمورَ الطَّهارةِ وما يتعلَّقُ بها في كلِّ الأوقاتِ، وما يُبَاحُ فيها وما لا يُبَاحُ.
وفي هذا الحديثِ تُخْبِرُ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يبيتُ جُنُبًا"، أي: يظَلُّ ليلَه جُنُبًا ويُؤَخِّرُ الاغتسالَ، "فيأتيه بِلالٌ فيُؤْذِنُه بالصَّلاةِ"، أي: يُعْلِمُه بدُخولِ وقْتِ صلاةِ الفجرِ، "فيقومُ فيغتسِلُ"، أي: فيغتسِلُ مِن الجَنابةِ بعدَ أذانِ الفجْرِ، "فأنظُرُ إلى تَحَدُّرِ الماءِ مِن رأْسِه"، أي: فأرى تَصَبُّبَ الماءِ ونُزولَه مِن شَعْرِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أثَرِ الاغتِسالِ، "ثمَّ يخرُجُ، فأسمَعُ صوتَه في صلاةِ الفجْرِ"، أي: فيُصَلِّي الفجْرَ بعدَ اغتسالِه، وقد بَيَّنَت رِوايةٌ أُخرى أنَّ هذا الفِعْلَ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان في رمضانَ وغيرِه، فإذا كان في رمضانَ أصبَحَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صائمًا ولم يُفطِرْ، وفي فِعْلِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيانٌ للرُّخصةِ في تأخيرِ الغُسْلِ إلى الفجْرِ أو بعدَه، وقد سُئِلَت عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "كيف كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يصنَعُ في الجَنابةِ؟ أكان يغتسِلُ قبْلَ أنْ ينامَ، أمْ ينامُ قبْلَ أنْ يغتسِلَ؟ قالت: كلُّ ذلك قد كان يفعَلُ؛ رُبَّما اغتسَلَ فنام، ورُبَّما توضَّأَ فنام".
وفي الحديثِ: بيانُ تَيسيرِ الشَّرعِ على الناسِ في أُمورِ الاغتِسالِ من الجنابةِ، ومشروعيَّةِ تأخيرِه إلى الفجرِ، وأنَّه غير مُفطِّرٍ إذا أراد من أجْنَبَ قبلَ الفجرِ أن يَصومَ.