باب ما جاء في الركعتين بعد الوتر جالسا 2
سنن ابن ماجه
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، حدثنا عمر بن عبد الواحد، حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة قال:
حدثتني عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوتر بواحدة، ثم يركع ركعتين يقرأ فيهما وهو جالس، فإذا أراد أن يركع قام فركع (2).
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجتهِدُ ويتقرَّبُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ بالعِباداتِ؛ شُكرًا للهِ عزَّ وجلَّ، وتعليمًا لأُمَّتِه، وفي هذا الحديثِ تُخْبِرُ عائشةُ أُمُّ المؤمنينَ رضِيَ اللهُ عنها: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُوتِرُ بواحدةٍ"، أي: يُصَلِّي ركعةً واحدةً مُنفرِدةً بتشهُّدٍ وتسليمٍ؛ لِيُوتِرَ بها صلاتَه باللَّيلِ، "ثمَّ يركَعُ ركعتينِ"، وهما ركعتَا الفجْرِ. وفي روايةٍ: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي فيما بين أنْ يفرُغَ مِن صلاةِ العشاءِ- وهي الَّتي يدعو النَّاسُ العَتَمَةَ- إلى الفجْرِ إحدى عشْرةَ ركعةً، يُسَلِّمُ بين كلِّ ركعتينِ، ويوتِرُ بواحدةٍ، فإذا سكَتَ المُؤذِّنُ مِن صلاةِ الفجْرِ، وتبيَّنَ له الفجْرُ، وجاءه المُؤذِّنُ، قام فركَعَ ركعتينِ خَفِيفتَينِ، "يقرَأُ فيهما وهو جالِسٌ"، أي: إنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي وهو جالِسٌ، وذلك لَمَّا أسَنَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان قبلَ ذلك يأتيهما قائمًا، مثلَما ذُكِرَ في الرِّوايةِ الأُخرى، "فإذا أراد أنْ يركَعَ، قام فركَعَ"، أي: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يقِفُ للرُّكوعِ؛ ليأتِيَه على الوجْهِ الأكمَلِ له.
وفي الحديثِ: بيانُ ما كان عندِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن اجتهادٍ في العِبادةِ.