باب ما جاء في اليمين مع الشاهد3
سنن الترمذى
حدثنا علي بن حجر قال: أخبرنا إسماعيل بن جعفر قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، «أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد الواحد» قال: وقضى بها علي فيكم. وهذا أصح وهكذا روى سفيان الثوري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وروى عبد العزيز بن أبي سلمة، ويحيى بن سليم هذا الحديث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم رأوا: أن اليمين مع الشاهد الواحد جائز في الحقوق والأموال، وهو قول مالك بن أنس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقالوا: لا يقضى باليمين مع الشاهد الواحد إلا في الحقوق والأموال، ولم ير بعض أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم أن يقضى باليمين مع الشاهد الواحد
بيَّنَ الشَّرعُ الحَكيمُ أنَّ التَّخاصُمَ والادِّعاءاتِ بيْنَ النَّاسِ لا بُدَّ لها مِن بيِّناتٍ واضِحاتٍ، وبيَّنَتِ السُّنَّةُ المُطهَّرةُ ما يُمكِنُ قَبولُه مِن أنواعِ هذه البيِّناتِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَضى لِلمدَّعي بِيَمينِه معَ شاهِدٍ واحدٍ، وهذا فيما يَتعلَّقُ بالحقوقِ كالأموالِ ونحْوِها، لا الحدودِ، فكأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أقامَ اليمينَ مُقامَ شَاهِدٍ آخَرَ، فَصارَا كالشَّاهدَيْنِ، والأصلُ أنْ يُقْضَى لِلمدِّعي بِشَهادةِ شاهدَيْنِ رَجُلينِ أو رجلٍ وامرأتينِ؛ لِقولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282]، وأمَّا إذا لم يُوجَدْ مع المدَّعِي بيِّنةٌ، فإنَّ اليمينَ تكونُ على المُدَّعَى عليه ويَبرَأُ باليمينِ؛ ففي حَديثِ التِّرمذيِّ، عن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنهما، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «البيِّنةُ على المُدَّعِي، واليمينُ على المُدَّعَى عليه».