باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غنى
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « لا تحل الصدقة لغنى إلا لخمسة لغاز فى سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم أو لرجل اشتراها بماله أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهداها المسكين للغنى ».
حرص الإسلام على بناء الشخص المسلم عفيفا مترفعا عن الدنايا وما يذل النفس اختيارا، ولكنه في الوقت ذاته راعى تقلبات الأحوال التي ترفع وضيعا وتخفض رفيعا، وهذا الحديث يوضح من تحل له الصدقة، وفيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تحل الصدقة لغني"، أي: لا يجوز لغني أن يأخذ من الصدقة أو زكاة الأموال، أو يقبلها اختيارا، والغنى يكون بالمال أو بالقوة على العمل والكسب، "إلا لخمسة"، أي: خمسة أصناف من الأغنياء يحل لهم أخذها؛ لأنهم أخذوها بوصف آخر؛ "لغاز في سبيل الله"، أي: للذي يخرج مجاهدا ومقاتلا في سبيل الله حتى وإن كان غنيا؛ لقوله تعالى: {وفي سبيل الله} [التوبة: 60]، "أو لعامل عليها"، أي: يحل لمن يعمل على الصدقات من جمع وتوزيع وحساب أن يأخذ منها؛ لقوله تعالى: {والعاملين عليها} [التوبة: 60]، "أو لغارم"، أي: تحل الصدقة لمن عليه ديون ولا يستطيع قضاءها، أو من تحمل دفع مال عن غيره؛ لإصلاح ذات البين أو في الديات، ولا يستطيع أن يدفع ما تحمله، فيأخذ من الصدقة والزكاة وإن كان غنيا؛ لقوله تعالى: {والغارمين} [التوبة: 60]، وهي على شروط في تفصيلها
"أو لرجل اشتراها بماله"، أي: اشترى الصدقة بماله؛ كأن تكون من الأشياء التي تباع وتشترى فيعرضها الفقير للبيع فيشتريها الغني، وهو يعلم أنها كانت صدقة لفقير، وهذا فيه من التفصيل المتعلق بكون الغني هو المتصدق والمشتري
"أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهداها المسكين للغني"، فهذه تكون صدقة على المسكين والفقير، وتكون هدية للغني ولا إثم عليه في قبولها، وقد أكل النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقة التي تصدق بها الناس على خادمته بريرة
وفي الحديث: زجر الأغنياء عن طلب الصدقة والزكاة