باب نوم الرجال في المسجد
بطاقات دعوية
عن أبي هريرةَ قالَ: رأيتُ سبعينَ من أصحاب الصُّفَّةِ ما منْهم رجلٌ عليه رداءٌ ؛ إما إزارٌ، وإما كِساءٌ، قد ربَطوا في أعناقهم، فمنْها ما يبلُغُ نصفَ الساقين، ومنها ما يبلغ الكَعْبَيْنِ، فيجمَعُه بيدِه، كراهيَةَ أنْ تُرى عوْرتُه.
كان مِن المُسلمينَ في أوَّلِ الهِجرةِ صَحابةٌ كِرامٌ فُقراءُ، لا يَملِكون مِن حُطامِ الدُّنيا شيئًا؛ فقد تَرَكوا أمْوالَهم ودِيارَهم وفَرُّوا إلى اللهِ ورَسولِه في المدينةِ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُؤويهِم في مَسجدِه، ويُطعِمُهم ممَّا يَأتِيه مِن رِزقِ اللهِ، وما يُهْدى إليه مِن أغنياءِ المسلمينَ رَضيَ اللهُ عنهم.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو هُريرةَ رَضِيَ الله عنه أنَّه رَأَى سَبعينَ مِن أهْلِ الصُّفَّةِ -وهم فُقَراءُ المسلمينَ مِن أصحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الذين لم تَكُنْ لهم مَنازِلُ يَسْكُنونها، وكانوا يَأْوُون في صُفَّةٍ، وهي مِظلَّةٌ كانت في آخِرِ مَسجِدِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فيُخبِرُ أنَّه رآهم وليس منهم رجُلٌ عليه رِداءٌ، وهو ما يَستُرُ أعاليَ البَدَنِ فقطْ، لكنْ إمَّا عليه إزارٌ فقَطْ؛ وهو ما يَكْسو النِّصْفَ الأسْفَلَ، وإمَّا يكونُ عليه كِساءٌ وثَوبٌ واحدٌ، وقد رَبَطوا أكْسِيَتَهم في أعناقِهم؛ فمِنْ هذه الأكْسِيَةِ ما يَبلُغُ نِصْفَ السَّاقَينِ؛ لقِصَرِه وعدَمِ كِفايتِه أنْ يَبلُغَ أطْوَلَ مِن ذلك، ومنها ما يَبلُغُ الكَعبينِ أسفَلَ الساقينِ، وكان الواحِدُ منهم يضُمُّ ثَوبَه بِيَدِه كَراهيةَ أنْ تُرى عَوْرَتُه. وجاء في الرِّواياتِ أنَّهم كانوا يَضُمُّون ثِيابَهم في حالِ كَونِهم في الصَّلاةِ، فلم يكُنْ لأحدٍ منهم ثَوبانِ، وكان يُصلِّي فيه مع تَحرُّزِه حتَّى لا تَنكشِفَ عَورتُه.
وفي الحديثِ: بَيانُ صَبْرِ الصَّحابةِ الأوائلِ على الشَّدائدِ والفقْرِ حُبًّا في اللهِ ورَسولِه، وتَفضيلًا للإسلامِ على الكفْرِ.