باب هدية ما يكره لبسها
بطاقات دعوية
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بيت فاطمة بنته، فلم يدخل عليها، وجاء علي، فذكرت له ذلك، فذكره للنبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:
"إني رأيت على بابها سترا موشيا (12)،- فقال-: ما لي وللدنيا؟! "، فأتاها علي، فذكر ذلك لها، فقالت: ليأمرني فيه بما شاء، قال:
"ترسل به إلى فلان أهل بيت بهم حاجة"
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم أزهَدَ النَّاسِ في الدُّنيا؛ لِعلمِه بحَقيقتِها، وأنَّها دارُ فَناءٍ وليسَت باقيةً، وإنَّما هي مَرحَلةٌ يَتَزوَّدُ فيها المسلِمُ مِن الأعمالِ الصَّالحةِ والطَّاعاتِ؛ حتَّى يَعيشَ الحياةَ الباقيةَ في جَنَّةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُربِّي أهْلَ بَيتِه وأصحابَه على هذه المَعاني.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَهَب إلى بَيتِ ابنتِه فاطمةَ رَضيَ اللهُ عنها، فلمَّا وَصَلَ إلى البيتِ رَجَعَ دونَ أنْ يَدخُلَ عليها، فلمَّا جاء زَوجُها علِيُّ بنُ أبي طالبٍ ورَآها مُهْتمَّةً، سَأَلَها فذَكَرَت له الذي وَقَعَ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فذَكَرَ علِيُّ بنُ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه الأمرَ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فبيَّنَ له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ سَببَ عدَمِ دُخولِه أنَّه رَأى على بابِ بَيتِها قُماشًا مَوْشِيًّا اتَّخَذَتْه سِترًا لِبابِها، والوَشْيُ: خَلْطُ لَونٍ بلَونٍ وتَخطيطُه، فالقُماشُ المَوْشيُّ هو: المخطَّطُ بألوانٍ شَتَّى، وكَراهيةُ ذلك مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على سَبيلِ الزُّهدِ؛ إذ اتِّخاذُ السِّترِ للبابِ ليس مُحرَّمًا ولا مَكروهًا، وإنَّما كَرِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك لِما فيه مِن خُطوطٍ ونُقوشٍ ونحْوِها، ثمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ما لي وَلِلدُّنْيا؟!» أي: لَيس لي أُلْفةٌ بها ولا مَحبَّةٌ لها حتَّى أرغَبَ فيها وأنْبَسِطَ إليها، أو: أيُّ أُلْفةٍ ومَحبَّةٍ لي مع الدُّنيا؟! وأيُّ شَيءٍ يَربِطُني بها حتَّى أشتَغِلَ بها؟! فإنِّي طالبٌ الآخرةَ مُريدٌ لها. وقد كَرِهَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لابنتِه ما كَرِهَ لنفْسِه مِن تَعجيلِ الطَّيِّباتِ في الدُّنيا.
فأخْبَرَ علِيٌّ فاطمةَ رَضيَ اللهُ عنهما بما قالهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالتْ: لِيَأمُرَني في السِّترِ أفعَلُ فيه ما شاءَ، فأمَرَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ تُرسِلَه لأهلِ بَيتِ فُلانٍ؛ فهمْ بحاجةٍ إليه؛ إمَّا لاستخدامِه، أو للاستفادةِ مِن ثَمَنِه.