حديث أبي موسى الأشعري 14
مستند احمد
حدثنا وكيع، عن حرملة بن قيس، عن محمد بن أبي أيوب، عن أبي موسى قال: «أمانان كانا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، رفع أحدهما، وبقي الآخر» ، {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33]
في هذا الأثر يُبيِّنُ أبو هريرة رضي الله عنه سُبُلَ النجاةِ للناسِ منَ العَذابِ، فيقولُ: "كان فيكم أمانانِ"، وهما سَببانِ يَحْميانِ الأُمَّةَ منَ الوُقوعِ في الفِتَنِ والشرورِ، والوُقوعِ في غضَبِ اللهِ، ودائمًا يكونا مَلاذًا لصاحِبِهما، "مضَتْ إحْداهما وبَقيَتِ الأُخرى، وهما مَجْموعانِ في قولِ اللهِ تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33]، والمَعنى: ما يمَنَعُ عذابَ الناسِ على العُمومِ عذابَ استِئْصالٍ إلَّا وجودُ أمرَيْنِ، وهما: وجودُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على قَيدِ الحَياةِ، والثاني استغفارُ المُؤمِنينَ لذُنوبِهم، واستِغفارُهم لغيرِهم، فلمَّا تُوفِّيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جاءتِ الفِتَنُ، وعظُمَتِ المِحَنُ، وظهَرَ الكُفرُ والنِّفاقُ، وكثُرَ الخِلافُ والشقاقُ، وبَقيَ للناسِ الاستغفارُ وطلَبُ العَفوِ والمَغفرةِ منَ اللهِ؛ فهو الأمانُ الآخَرُ لمَن أرادَ النجاةَ منَ العذابِ، وهو الأمانُ لكلِّ الناسِ من الاستِئْصالِ بالعذابِ
وهذا يدُلُّ على أهميَّةِ الاستِغْفارِ، والتوَجُّهِ إلى اللهِ سُبحانَه به