ما لمن أسلم وهاجر وجاهد 1
سنن النسائي
قال: الحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب، قال: أخبرني أبو هانئ، عن عمرو بن مالك الجنبي، أنه سمع فضالة بن عبيد، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أنا زعيم، والزعيم الحميل لمن آمن بي، وأسلم وهاجر ببيت في ربض الجنة، وببيت في وسط الجنة، وأنا زعيم لمن آمن بي، وأسلم، وجاهد في سبيل الله، ببيت في ربض الجنة، وببيت في وسط الجنة، وببيت في أعلى غرف الجنة، من فعل ذلك فلم يدع للخير مطلبا، ولا من الشر مهربا، يموت حيث شاء أن يموت»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَحُثُّ على الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ويُبيِّنُ فضْلَه، سواءٌ لِمن قُتِل فيه أو لِمجرَّدِ المشارَكةِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أنا زَعيمٌ- والزَّعيمُ الحَميلُ-"، أي: ضامِنٌ وكَفيلٌ، وقيل: يُشبِهُ أنْ تكونَ هذه لَفظَةُ "الزَّعيمُ الحَميلُ" مُدْرَجةً مِن أحَدِ الرُّواةِ. قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لِمن آمَن بي"، أي: برِسالتي، "وأَسلَم"، أي: دخَل في الإسلامِ وأدَّى حقَّه، وفَعَل ما يَجبُ عليه كما أمَرَه اللهُ؛ فأطاعَ اللهَ ورسولَه، وفعَلَ الأوامرَ وانتَهى عن النَّواهِي، وحَفِظَ حدودَ اللهِ، "وهاجَر"، أي: إلى المدينَةِ زَمانَ الهجرةِ، أو هاجَر إلى اللهِ وهَجَر ما نَهى اللهُ عنه، "ببَيتٍ في رَبَضِ الجنَّةِ"، أي: فيما حولَها خارِجًا عنها، تَشبيهًا بالأبنيَةِ الَّتي تكونُ حولَ المدنِ، قيل: المرادُ هنا ما حولَ الجنَّةِ الدَّاخليُّ، لا الخارجيُّ؛ لأنَّ أهلَ الجنَّةِ لا يكونون خارجَها، "وببيتٍ في وسَطِ الجنَّةِ"، أي: وأنا زَعيمٌ لِمَن آمَن بي وأسلَم، وجاهَد في سَبيلِ اللهِ، ببيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ، وببيتٍ في وسَطِ الجنَّةِ، "وبَبيتٍ في أَعلى غُرَفِ الجنَّةِ"، أي: في عالِيَتِها؛ "مَن فعَل ذلك"، أي: آمَنَ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وأسلَم وجاهَد، "فلَم يدَعْ"، أي: لَم يَترُكْ، "للخيرِ مَطلبًا"، أي: إلَّا قصَدَه وحضَرَه ونال منه؛ وهذا كِنايةٌ عن لُزومِ الطَّاعاتِ والقُرباتِ، "ولا مِن الشَّرِّ مَهربًا"، أي: إلَّا ابتعَد عنه وفَرَّ منه؛ وهذا كِنايةٌ عن تَركِ المعاصي، "يموتُ حيثُ شاء أنْ يموتَ"، أي: فإنْ مات في أيِّ مَوضِعٍ كان؛ فإنَّ له ما ذُكِر مِن غُرَفِ الجنَّةِ، بالْتِزامِه ما سَبَق