مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه570
مسند احمد
حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن الأعمش، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم، كما ترون النجم في أفق السماء (1) ، وأبو بكر وعمر منهم وأنعما " (2)
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّ أهْلَ الدَّرَجاتِ العُلى"، أيْ: أهْلَ الجَنَّةِ، الذين يَسكُنونَ الدَّرَجاتِ العُليا في الجنَّةِ، "يَراهُم مَن أسفَلَ مِنهم"، أيْ: الذين هم في مَكانٍ أسفَلَ مِن مَكانِهم، وفي دَرَجاتٍ أقَلَّ منهم، "كما يُرَى الكَوكَبُ الطَّالِعُ"، أيْ: كما يَرَى أهْلُ الأرضِ الكَوكَبَ، "في الأُفُقِ مِن آفاقِ السَّماءِ"، وهذا لِبيانِ عِظَمِ الدَّرجاتِ والمَنازِلِ في الجَنَّةِ، "وإنَّ أبا بَكرٍ، وعُمَرَ مِنهم"، أيْ: مِن أصحابِ تلك الدَّرَجاتِ العُلى، "وأَنعَما"، مِن (أنعَمَ)، إذا زادَ، أيْ: بل وزادا على تِلكَ المَرتَبةِ والمَنزِلةِ، وإنَّما كانتْ تلك المنزِلةُ لأبي بكْرٍ وعُمَرَ إنَّما بفَضلِ اللهِ تعالى عليهما؛ لِبالِغِ فَضْلِهما وأثَرِهما في الإسلامِ، وما قدَّماهُ في صُحبةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حياتِه، وبَعدَ مَوتِه رضِيَ اللهُ عنهما.
ودَرجاتُ الجَنَّةِ كَثيرةٌ ومُتعدِّدةٌ، ولا يَعرِفُ تَحديدًا عَدَدَها إلَّا اللهُ تَعالى، وأعلى دَرجاتِ الجنَّةِ هي الفِردَوسُ، كما ثَبَتَ في الصَّحيحِ، عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه قال: قالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "... فإذا سَألتُمُ اللهَ فاسألوه الفِردَوسَ؛ فإنَّه أوسَطُ الجَنَّةِ، وأعلى الجَنَّةِ، فَوقَه عَرشُ الرَّحمنِ، ومِنه تَفَجَّرُ أنهارُ الجَنَّةِ".
وفي الحَديثِ: بَيانُ أنَّ في الجَنَّةِ دَرَجاتٍ مُتفاوِتةً، بحَسَبِ الأعمالِ.
وفيه: مَنقبةٌ ظاهرةٌ لِأبي بَكرٍ وعُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما، حيثُ شَهِدَ لهما النَّبيُّ بأنَّهما مِن أهْلِ الدَّرَجاتِ العُليا في الجَنَّةِ( ).