مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 264
حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، عن أبي معمر قال: كنا مع علي، فمر به جنازة فقام لها ناس، فقال علي: من أفتاكم هذا؟ فقالوا: أبو موسى، قال: " إنما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة، فكان يتشبه بأهل الكتاب، فلما نهي انتهى "
احتِرامُ الرُّوحِ الإنسانيَّةِ التي أودَعَ اللهُ فيها سِرَّ الحياةِ هو تَعْظيمٌ لخالِقِها سُبحانَهُ وتَعالى.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ التَّابعيُّ أبو مَعمَرٍ عَبدُ اللهِ بنُ سَخْبَرةَ: "كُنَّا مع عليٍّ، فمَرَّ به جِنازةٌ،
فقامَ لها ناسٌ" لِما عِندَهم من أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقِفُ لِمُرورِ الميِّتِ، والجِنازةُ اسمٌ للميِّتِ في النَّعْشِ، "فقال عليٌّ: مَن أفْتاكُم هذا؟" فجَعَلَكم تَقومونَ للجِنازةِ إذا مرَّتْ بكُم؟ "فقالوا: أبو موسى"، وهو أبو مُوسى الأشْعريُّ رضِيَ اللهُ عنه،
قال عليٌّ رضِيَ اللهُ عنه مُبيِّنًا حَقيقةَ الأمْرِ: "إنَّما فعَلَ ذلِكَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مرَّةً"؛ وذلِكَ عِندَما مرَّتْ عليه جِنازةُ رَجُلٍ من اليَهودِ، "فكانَ يَتشبَّهُ بأهْلِ الكِتابِ" فيما لم يُشرَعْ له؛
لأنَّهم أهْلُ كِتابٍ ويَفعَلون بَعضَ ما شرَعَهُ اللهُ لهم في التَّوْراةِ أو بَعضِ ما وَرِثوهُ من شَرائِعِ نَبيِّ اللهِ مُوسى عليه السَّلامُ، "فلمَّا نُهِيَ انتَهَى"، فلمَّا نَهاهُ اللهُ عن التَّشبُّهِ بأهْلِ الكِتابِ انتَهَى،
واتَّبَعَ ما شرَعَهُ اللهُ له، وكانت سُنَّتُهُ عَدَمَ القيامِ للجِنازةِ.