وصل الشعر بالخرق 1
سنن النسائي
أخبرنا عمرو بن يحيى بن الحارث، قال: حدثنا محبوب بن موسى، قال: أنبأنا ابن المبارك، عن يعقوب بن القعقاع، عن قتادة، عن ابن المسيب، عن معاوية، أنه قال: يا أيها الناس، «إن النبي صلى الله عليه وسلم نهاكم عن الزور» قال: وجاء بخرقة سوداء فألقاها بين أيديهم، فقال: هو هذا تجعله المرأة في رأسها ثم تختمر عليه
حرَصَ الصَّحابةُ على القيامِ بأحكامِ اللهِ سبحانه وتعالى، وسُنَّةِ رَسولِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وكانوا إذا رأَوْا مُنكَرًا أنكَروه وغيَّروه ما استَطاعوا، وكان مُعاويةُ بنُ أبي سُفيانَ رَضِي اللهُ عَنهما مِثالًا لذلك
وفي هذا الحديثِ يقولُ مُعاويةُ رَضِي اللهُ عَنه: "يا أيُّها النَّاسُ"، أي: يخطُبُهم ويَلفِتُ انتباهَهم، "إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم نهاكم عنِ الزُّورِ"، أي: عن الكَذِبِ والبُهتانِ، والمرادُ هنا كلُّ مائلٍ عنِ الحقِّ والصَّوابِ؛ ولذا وصَفَ الفِعلَ الآتيَ به، قال سعيدُ بنُ المُسيَّبِ الرَّاوي عن مُعاويةَ: "وجاءَ بخِرقةٍ سَوداءَ فألْقاها بين أيديهم"، أي: أتى مُعاويةُ لِمَن يُحدِّثُهم بقطعةٍ مِن الثِّيابِ لونُها أسودُ، فقال مُعاويةُ رَضِي اللهُ عَنه: "هو هذا تجعَلُه المرأةُ في رأسِها، ثمَّ تَختَمِرُ عليه"، أي: هذا هو الزُّورُ الَّذي أخبَرْتُكم به، وهو أن تَصِلَ المرأةُ شَعَرَها بمثلِه، مُوهِمَةً بكَثرةِ الشَّعَرِ، ممَّا يَحصُلُ به خِداعٌ لغيرِها، وقد ذَكَّر مُعاوِيةُ رضِيَ اللهُ عنه هذا الحديثَ عندَما أتى المدينةَ النَّبويَّةَ وعَلِم بأنَّ النِّساءَ تَصِلُ شُعورَهنَّ، وعِندَ الطَّبرانيِّ أنَّه وجَد عِندَ أهلِه وَصْلةً مِن الشَّعرِ وأخبَرْنَه أنَّ النِّساءَ تَزيدُ مِثلَه في شُعورِهنَّ، فخطَب النَّاسَ، وذكَر هذا الحديثَ
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن وَصْلِ الشَّعَرِ بالشَّعَرِ أو غيرِه
وفيه: تَسميةُ المُنكَرِ مِن الأفعالِ الزُّورِ كما في الأقوالِ