السجود في والنجم 1

سنن النسائي

السجود في والنجم 1

 أخبرنا عبد الملك بن عبد الحميد بن ميمون بن مهران قال: حدثنا ابن حنبل قال: حدثنا إبراهيم بن خالد قال: حدثنا رباح، عن معمر، عن ابن طاوس، عن عكرمة بن خالد، عن جعفر بن المطلب بن أبي وداعة، عن أبيه قال: «قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة سورة النجم، فسجد وسجد من عنده» فرفعت رأسي وأبيت أن أسجد، ولم يكن يومئذ أسلم المطلب

سُجودُ التَّلاوةِ يُشرَعُ عندَ قِراءةِ القرآنِ الكريمِ أو سَماعِه، عندَ آياتٍ مُحدَّدةٍ وضَّحَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وعلَّمها لأصحابِه، ونقَلوها إلينا
وفي هذا الحَديثِ يقولُ المطَّلِبُ بنَ أبي ودَاعةَ رضِيَ اللهُ عنه: "قرَأ رَسولُ اللهِ عليه السَّلامُ بمكَّةَ"، أي: قَبلَ الهجرةِ، "سورةَ النَّجمِ فسَجَد"، أي: سُجودَ التِّلاوةِ عندَ قولِه تعالى: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62]، "وسَجَد مَن عِندَه"، أي: سجَد النَّاسُ الَّذين عِندَه يَسمَعونه وكان مِنهم المسلِمون والمشرِكون، "فرفَعتُ رأسي وأبيتُ أنْ أسجُدَ، ولم يَكُن يومَئذٍ أسلَم المطَّلِبُ"، أي: إنَّه امتَنَع عن سُجودِ التَّلاوةِ؛ لأنَّه كان كافِرًا، وقوله: "ولم يَكُن يومَئذٍ أسلَم المطَّلِبُ" يَحتمِلُ أنْ يكونَ هذا مِن كلامِ المُطَّلبِ نفْسِه، أو مِن كلامِ الرَّاوي عنه، وهو جَعفرُ بنُ المطَّلبِ.
وفي رِوايةِ أحمَدَ: أنَّ المطَّلِبَ "كان بعدَ ذلك لا يَسمَعُ أحَدًا قرَأها إلَّا سجَد"، وفي رِوايةٍ أخرى: "قال المطَّلِبُ: فلا أدَعُ السُّجودَ فيها أبدًا"
وكان سَببُ سُجودِ الكفَّارِ ما قاله ابنُ مسعودٍ: إنَّها أوَّلُ سجدةٍ نزَلَت، فسجَدوا لَمَّا سَمِعوا الأمرَ بالسُّجودِ، وأمَّا ما يَرْويه الأخباريُّون والمفسِّرون أنَّ سبَب ذلك ما جرَى على لِسانِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن الثَّناءِ على آلهةِ المشرِكين في سُورةِ النَّجمِ، وقولُه: (الغَرانيقُ العُلا، وإنَّ شَفاعتَهنَّ لَتُرتَجى)- فباطِلٌ، لا يَصِحُّ منه شَيءٌ لا مِن جِهَةِ النَّقلِ ولا مِن جِهةِ العقلِ؛ لأنَّ مَدْحَ إلهٍ غيرِ اللهِ كُفرٌ ولا يَصِحُّ نِسبةُ ذلك إلى لِسانِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ولا أنْ يَقولَه الشَّيطانُ على لِسانِه، ولا يَصِحُّ تَسليطُ الشَّيطانِ على ذلك
وهذا الحَديثُ يدُلُّ على أنَّ سُوَرَ المفصَّلِ فيها سُجودُ تِلاوةٍ مِثلَ غيرِها مِن السُّوَرِ الَّتي تَحْتوي على هذه المواضعِ، وقد تواتَرَتِ الآثارُ أيضًا عن النَّبيِّ عليه السَّلامُ بسُجودِه في المفصَّلِ