باب: إباحة ما أهدي من الصدقة لآل النبي - صلى الله عليه وسلم - 2
بطاقات دعوية
عن أم عطية - رضي الله عنها - قالت بعث إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاة من الصدقة فبعثت إلى عائشة منها بشيء فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عائشة قال هل عندكم شيء قالت لا إلا أن نسيبة بعثت إلينا من الشاة التي بعثتم بها إليها قال إنها قد بلغت محلها. (م 2/ 120
كان مِن خَصائصِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وآلِ بَيْتِه أنَّهم يَأكُلون مِن طَعامِ الهَديَّةِ، ولا يَأكُلون مِن الصَّدَقاتِ.
وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ أمُّ عطيَّةَ الأنصاريَّةُ -واسمُها نُسَيْبةُ- أنه قد أُرْسِل إليها بشاةٍ صَدَقةً عليها، والباعثُ هو النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ في رِوايةِ مُسلمٍ في صَحيحِه، قالت: «بعَثَ إلَيَّ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بشَاةٍ مِن الصَّدقةِ، فبعَثْتُ إلى عائِشةَ منها بشَيءٍ»، أي: على سَبيلِ الهديةِ لها، وليستْ على سَبيلِ الصَّدقةِ، فلمَّا جاء رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها، وسَألها عن طَعامٍ، قالتْ: لا، إلَّا ما أرْسَلَتْ به نُسَيْبةُ مِن تِلكَ الشَّاةِ، فقال: هاتِ؛ فقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّها، فبيَّنَ أنَّه لَمَّا كانتِ الصَّدقةُ يجوزُ فيها التصرُّفُ للفَقيرِ بالبَيعِ والهِبَةِ؛ لصِحَّةِ مِلكِه لها، فلمَّا أهدَتْ نُسَيْبةُ رَضيَ اللهُ عنها إلى عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها مِن الشَّاةِ- حُكِم لها بحُكمِ الهِبَةِ، وتحوَّلَتْ عن معنَى الصَّدقةِ بمِلْكِ المتصدَّقِ عليه بها، وانتقلَتْ إلى معنَى الهَديَّةِ الحلالِ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وإنَّما كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يأكُلُ الهَديَّةَ، ولا يأكُلُ الصَّدقةَ؛ تَكريمًا وتَشريفًا؛ لِمَا في الهَديَّةِ مِن تآلُفِ القُلوبِ، والدُّعاءِ إلى المحبَّةِ، وجائزٌ أن يُثيبَ عليها بمِثلِها وأفضَلَ منها، فترتفعَ المِنَّةُ والذِّلَّةُ، ولا يجوزُ ذلك في الصَّدقةِ؛ لأنَّها أوساخُ النَّاسِ الَّتي يُطَهِّرون بها الأموالَ مِن أدْناسِها.
وفي الحديثِ: بيانُ أنَّ الأشياءَ المحرَّمةَ لعِلَلٍ مَعلومةٍ إذا ارتفعَتْ عنها تلك العِلَلُ حلَّتْ.