باب الأجير في الغزو
بطاقات دعوية
عن عبد الله بن أبي مليكة عن جده بمثل هذه الصفة؛ أن رجلا عض يد رجل، فأندر ثنيته، فأهدرها أبو بكر رضي الله عنه
لقدْ حافَظ الإسلامُ علىأنفُسِ النَّاسِ ودِمائِهم ومنَعَمِن الاعتِداءِعلى النَّفْسِ البَشريَّةِ بغيرِحَقٍّ،وإذا ماوقَعا عتِداءٌ مِنأحدِهم؛فقدْ شرَعَفيتل كالدِّماءِوالجِراحاتِا لقِصاصَأومايُعوَّضب قِيمتِهمِ نالمالِ،وهومايُعرَفُ بالدِّيةِ، وبيَّنَ الشَّرعُ المُطهَّرُ الدِّياتِ المُختلِفةَ لأعضاءِ الجِسمِ وأجْزائِه، ووأضَحَ ما تَجِبُ فيه الدِّيَةُ، وما تُهدَرُ فيه.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي عِمْرانُ بنُ حُصَينٍ أنَّ رجُلًا عَضَّ يَدَ رجُلٍ، فنزَعَ المَعضوضُ يَدَه مِن فَمِ العاضِّ، فوقَعَت ثَنِيَّتاه، وهي أسْنانُه الأماميَّةُ، فجاء الاثْنانِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليَحكُمَ بيْنهم في هذه الخُصومةِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «يَعَضُّ أحدُكم أخاه كما يَعَضُّ الفَحلُ؟!» فيُمسِكُ يَدَ صاحِبِه بأطْرافِ أسْنانِه، كأنَّها في فَمِ ذَكرِ الإبِلِ يَأكُلُها، ويَضغَطُ عليها بأسْنانِه،ثمَّ لَمَّا نَزَع المَعضوضُ يَدَه مِن تحْتِ أسْنانِه، فكُسِرَت، أو خُلِعَت يَأْتي العاضُّ فيَطلُبُ دِيَةَ أسْنانِه؟! ثمَّ قرَّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ العاضَّ الَّذي خُلِعَت أسْنانُه لا دِيَةَ له على المَعضوضِ؛ لأنَّه كان يُدافِعُ عن نفْسِه، وهذا الكَلامُ إشارةٌ إلى علَّةِ إهْدارِ دِيَةِ أسْنانِ العاضِّ؛ لأنَّ الدَّافِعَ مُضطَرٌّ إليه، ألْجأَه الصَّائلُ العاضُّ إلى دَفعِه؛ فهو نَتيجةُ فِعلِه ومُسبَّبٌ مِن جِنايتِه، فكأنَّه الَّذي فَعَله، وجَنى به على نفْسِه.
وفي الحَديثِ: رَفْعُ الجِناياتِ إلى الحُكَّامِ لأجْلِ الفَصلِ.
وفيه: تَشبيهُ فِعلِ الآدَمِيِّ بفِعلِ الحَيوانِ الَّذي لا يَعقِلُ؛ للتَّنفِيرِ مِن مِثلِ فِعلِه.