باب الارتياد للغائط والبول
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو النعمان، حدثنا مهدي بن ميمون، حدثنا محمد بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعدعن عبد الله بن جعفر، قال: كان أحب ما استتر به النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاجته: هدف، أو حائش نخل (1).
مِن آدابِ قَضاءِ الحاجةِ: الاستِتارُ، فيَنبغي لِمَن يَقضي حاجتَه أن يَستَتِرَ عن أعيُنِ النَّاسِ؛ كي لا يَكشِفَ عَورَتَه ولا يَتأذَّى أحدٌ به.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ جَعفَرِ بنِ أبي طَالِبٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أركَبَه خَلفَه على دابَّتِه ذاتَ مَرَّةٍ، فأسَرَّ له حديثًا، فهو لا يُحدِّثُ به أحدًا؛ لأنَّه سرُّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهذا يَدُلُّ على عُلوِّ مَكانتِه عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وكمالِ فضلِه وأهليَّتِه لِأَنْ يَتَّخذَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَوضِعَ سِرِّه، وهذه أهليَّةٌ شريفةٌ وفضيلةٌ مُنيفةٌ.
ثُمَّ أخبَرَ عبدُ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان أحَبَّ شَيءٍ يَستتِرُ به عندَ قَضاءِ حاجتِه من بَولٍ أو غائطٍ؛ هَدَفٌ، وهو ما ارتَفَعَ مِنَ الأرضِ، مِثلُ الجبلِ، وكَثيبِ الرَّملِ، والبناءِ، «أو حائِشُ نَخلٍ» وهو بُستَانُ النَّخلِ؛ وهذا لأنَّ النَّخلَ المُلتفَّ المُتقارِبَ بعضُه من بعضٍ، يَستُرُ جَميعَ بدَنِ الإنسانِ عن أعينِ النَّاظِرينَ، بخِلافِ النَّخلةِ الواحدةِ؛ فإنَّ ساقَها دَقيقٌ لا يَستُرُ كما يَنبغي وإن كان يَحصُلُ به السَّترُ.
وهذا كانَ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على عادةِ العَرَبِ الذين كانوا يَقضون حَوائجَهم في البَساتينِ، ثُمَّ اتَّخَذُوا الكُنُفَ والحمَّاماتِ بعدَ ذلك.
وفي الحديثِ: الاستتارُ عندَ قضاءِ الحاجَةِ بما يُغيِّبُ جميعَ بَدنِ الإنسانِ عن أعيُنِ النَّاظِرين.