باب الحسد1
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبي، ومحمد بن بشر، قالا: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم
عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة، فهو يقضي بها ويعلمها" (1)
الحَسدُ نَوعانِ؛ الأوَّلُ: حسَدٌ مَذمومٌ مُحرَّمٌ شَرعًا، وهو أنْ يَتمنَّى المرءُ زَوالَ النِّعمةِ عن أخيهِ سواءٌ حصَلتْ للحاسدِ أو لا، والثاني: حَسَدٌ مُباحٌ، وهو الغِبطةُ، ومعْناها: أنْ يَرى المرءُ نِعمةً عندَ غَيرِه، فيَتمنَّى مِثلَها لنَفْسِه دونَ زَوالِها عن أخيه؛ فإنْ كانت الغِبطةُ في أمرٍ دُنيويٍّ مِن صحَّةٍ، أو قوَّة، أو مَركزٍ، أو ولَدٍ؛ فهي مُباحةٌ، وإنْ كانت في أمرٍ دِينيٍّ -كالعِلمِ النَّافعِ، أو المالِ الصَّالحِ- فهي مُستحبَّةٌ شَرعًا. وهنا يُخبِرنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الحسَدَ لا يكونُ مَحمودًا مُستحبًّا شَرعيًّا إلَّا في أمْرينِ؛ الأوَّلُ: أنْ يكونَ هناك رجُلٌ غَنيٌّ تَقيٌّ، أعطاهُ اللهُ مالًا حلالًا، فأنفَقَه فيما يَنفَعُه ويَنفَعُ غيرَه، ويُرضي ربَّه، مِن وُجوهِ الخيرِ، فيَتمنَّى الإنسانُ أنْ يكونَ مِثلَه، ويَغبِطُه على هذه النِّعمةِ.والأمرُ الثَّاني: أنْ يكونَ هناك رجُلٌ عالمٌ حَكيمٌ، أعطاهُ اللهُ عِلمًا نافعًا يَعمَلُ به، ويُعلِّمُه لغيرِه، وحِكمةً يَحكُمُ بعِلمِه وحِكمتِه بيْنَ النَّاسِ، فيَتمنَّى الإنسانُ أنْ يكونَ مِثلَه.وفي الحديثِ: أنَّ الغنيَّ إذا قام بشَرْطِ المالِ، وفعَلَ فيه ما يُرضي اللهَ؛ كان أفْضلَ مِن الفقيرِ.وفيه: فضْلُ العِلمِ وفضْلُ تعلُّمِه.وفيه: المُنافسةُ في الخيرِ، والحضُّ عليه.