باب السلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم 1
سنن ابن ماجه
حدثنا هشام بن عمار، حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن عبد الله بن كثير، عن أبي المنهالعن ابن عباس، قال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهم يسلفون في التمر، السنتين والثلاث، فقال: "من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم، إلى أجل معلوم" (1).
السَّلَفُ أوِ السَّلمُ هو أنْ يَبيعَ الرَّجلُ سِلعةً غيرَ مَوجودةٍ ويَصِفَها بما يُميِّزُها، ويُحدِّدَ أجَلًا لِقبْضِ هذه السِّلعةِ.
وفي هذا الحديثِ يُخْبرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه لَمَّا هاجَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المدينةِ، وجَدَ الأنصارَ يَتَعامَلون بالسَّلَفِ -ويُسمَّى أيضًا سَلَمًا؛ لأنَّه يُشترَطُ فيه تَسليمُ رَأسِ المالِ في مَجلِسِ العقْدِ-؛ فكانوا يَبِيعون الثَّمَرَ مُؤجَّلًا إلى عامٍ أو عامينِ أو ثَلاثةِ أعوامٍ، بثَمَنٍ مُعجَّلٍ مَقبوضٍ حالًّا في مَجلسِ العقدِ، فأقَرَّهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على بَيعِ السَّلَمِ، ولكنْ ضبَطَه بشُروطٍ مُعيَّنةٍ؛ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن سلَّفَ في تَمْرٍ، فاشْتَرى شَيئًا مِن تَمْرٍ أو بُرٍّ أو شَعيرٍ مَثلًا، مُؤجَّلًا إلى عامٍ أو عامينٍ، بثَمنٍ حاضرٍ مَقبوضٍ في مَجلسِ العقْدِ؛ فلْيكُنِ الشَّيءُ الَّذي اشتَراه شَيئًا مُعيَّنًا، مَعلومَ المِقدارِ، مَحدودَ الكميَّة كَيلًا ووَزْنًا، مَضبوطًا بأجَلٍ مَعلومٍ، ومُدَّةٍ مُعيَّنةٍ مَعروفةٍ؛ كسَنةٍ أو سنَتينِ مَثلًا، لا بأجَلٍ مَجهولِ المدَّةِ غيرِ مُحدَّدِ الزَّمنِ؛ خَشيةً على النَّاسِ مِن الغَرَرِ والجَهالاتِ التي تَقَعُ في مِثلِ هذا البَيعِ، وحَدًّا للنِّزاعاتِ والمُخاصَماتِ.