باب العمرة
حدثنا هناد بن السرى عن ابن أبى زائدة حدثنا ابن جريج ومحمد بن إسحاق عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال والله ما أعمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عائشة فى ذى الحجة إلا ليقطع بذلك أمر أهل الشرك فإن هذا الحى من قريش ومن دان دينهم كانوا يقولون إذا عفا الوبر وبرأ الدبر ودخل صفر فقد حلت العمرة لمن اعتمر. فكانوا يحرمون العمرة حتى ينسلخ ذو الحجة والمحرم.
التمتع في الحج هو أن يحرم الحاج بالعمرة في أشهر الحج، ثم يحل منها، ثم يحرم بالحج من عامه، فإذا قدم مكة في أشهر الحج واعتمر وانتهى من عمرته، فله أن يتحلل من إحرامه، ويتمتع بكل ما هو حلال حتى تبدأ مناسك الحج
وفي هذا الحديث يحكي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن العرب في الجاهلية كانوا يرون أن الإحرام بالعمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، أي: من أعظم المعاصي، ويحرمون العمرة إلى نهاية محرم، ويجعلون المحرم صفرا، ويتلاعبون بالأشهر الحرم على حسب أهوائهم، فيؤخرون تحريم المحرم إلى صفر، وهو النسيء الذي ذمه الله تعالى في قوله: {إنما النسيء زيادة في الكفر} [التوبة: 37]، ويقولون: إذا برا الدبر، وهو الجرح الذي يكون في ظهر الإبل، فإذا شفيت الجراحات التي في ظهر الإبل، التي تحدث بسبب الحمل عليها، وكثرة احتكاكها في أسفارها الطويلة. وعفا الأثر، فاختفت آثار أقدام الإبل التي تحدثها في سيرها. وانتهى شهر صفر الذي هو في الحقيقة شهر محرم بسبب النسيء؛ حلت العمرة لمن اعتمر، فعند ذلك تجوز العمرة لمن أرادها
فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ودخلوا مكة صبيحة اليوم الرابع من ذي الحجة مهلين بالحج في حجة الوداع، أمرهم أن يجعلوها عمرة، أي: يفسخوا الحج إلى العمرة، ويتحللوا بالطواف والسعي، فتعاظم عندهم مخالفة العادة التي كانوا عليها من تأخير العمرة عن أشهر الحج، فاستفسروا من النبي صلى الله عليه وسلم عن نوعية هذا الحل، هل هو تحلل خاص ببعض الأشياء، أو عام في جميعها؟ فأخبرهم صلى الله عليه وسلم بأنه تحلل عام، فيحل لكم كل شيء من الأشياء التي كانت محرمة عليكم أثناء العمرة، بما في ذلك المعاشرة والجماع للنساء، فأبطل بذلك عادات الجاهلية؛ من النسيء وتحريم العمرة في أشهر الحج، وأقر شريعة الإسلام