باب الكي2
حدثنا عمرو بن رافع، حدثنا هشيم، عن منصور، ويونس، عن الحسن
عن عمران بن الحصين، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكي، فاكتويت فما أفلحت ولا أنجحت (1)
كان الصَّحابةُ أَحْرَصَ النَّاسِ على تَنفيذِ كُلِّ ما أمَرَ به اللهُ سُبْحانَه وتعالى، وما أَمَر بِه رَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، حتَّى لاموا أَنْفُسَهم عندما تَعَدَّوْا أوامِرَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ عِمرانُ بنُ حُصَينٍ: "نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن الكَيِّ"، وهو اسْتِعمالُ النَّارِ في العِلاجِ مِنْ وَقْفِ نَزيفِ جُرحٍ وغيرِ ذلك، "فاكْتَوَينا"، أي: اسْتَعْمَلْنا الكيَّ في العِلاجِ رُغْمَ نَهيهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لنا، "فما أَفْلَحْنَ، ولا أَنْجَحْنَ"، أي: لم نَجِدْ فيه العِلاجَ والشِّفاءَ فما كان مِن فلاحٍ ولا نجاحٍ لِمَن خالَفَ أَمْرَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
قيل: إنَّ هذا النَّهيَ إنَّما وقَع لعِمرانَ بنِ حُصَينٍ رَضِيَ اللهُ عنه فَقَط، ولم يَكُنْ نهيًا عامًّا؛ فقد ثَبَت في صحيحِ مُسلِمٍ عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: "رُمِيَ سعدُ بنُ مُعاذٍ في أَكْحَلِه، قال: فحَسَمَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيدِه بمِشْقَصٍ، ثُمَّ ورِمَتْ فحَسَمَه الثَّانيةَ"، فلَربَّما كان الأمرُ خاصًّا بعِمرانَ؛ لأنَّهُ كان به الباسورُ وهو وَرَمٌ عندَ الدُّبُرِ والمقعَدةِ، فيَكونُ الكيُّ خَطرًا عليه؛ ولذا نَهاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنه؛ فلا يكونُ هذا في حقِّهِ علاجًا.
وقيل: رُبَّما كانَ النَّهيُ للاعْتِقادِ أنَّ الشِّفاءَ يكونُ فيه، وليس أخْذَه على سبيلِ أنَّه سببٌ للشِّفاءِ، وقيل: إنَّما النَّهيُ كان لِمَنْ خَشِيَ الدَّاءَ قَبْلَ وقوعِه، وإنَّما أُبيحَ لِمَنْ وَقَعَ بِه الدَّاءُ والمَرَضُ.
وفي الحديثِ: بيانُ وَرَعِ وفَضْلِ عِمرانَ بنِ حُصَينٍ رضِيَ اللهُ عنه.
وفيه: النَّهيُ والتَّحذيرُ مِنْ مُخالفةِ أوامِرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.