باب حد السارق1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده" (1)
السَّرِقةُ مِنَ المحَرَّماتِ، وقد جعل اللهُ فيها حَدًّا للسَّارِقِ بقَطعِ يَدِه؛ لِيَكوَن نَكالًا له وعِبرةً لِغَيرِه حتى يرتَدِعوا.
وفي هذا الحَديثِ لَعَن رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم السَّارِقَ؛ واللَّعنُ هو الدُّعاءُ عليه بالطَّردِ من رحمةِ اللهِ، أو المرادُ منه الإهانةُ والخِذلانُ، كأنَّه لَمَّا استعمل أعزَّ شَيءٍ عنده في أحقَرِ شيءٍ، خذله اللهُ حتى قُطِع؛ فهو «يَسرِقُ البَيْضَةَ» على حَقَارتِها وقِلَّةِ فائدتِها، فيعتادُ السَّرِقةَ فيَسرِقُ ما هو أكبَرُ منها مما يساوي نِصابَ القَطعِ، «فتُقطَعُ يدُه» حَدًّا لأجْلِ هذا، فيكونُ السَّبَبُ الأوَّلُ سَرِقَتَه للبَيضةِ، وقيل: المرادُ بَيضُ الحَديدِ، وهي الخوذةُ مِنَ الحديدِ يَضَعُها المقاتِلُ على رأسِه لِيَحمِيَه من الضَّرَباتِ، «ويَسْرِقُ الحَبْلَ» وكان منها ما يساوي دراهِمَ، «فتُقطَعُ يَدُه» حَدًّا لأجلِ هذا المتاعِ القليلِ، وقد قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذلك تَنفيرًا عن السَّرِقَة، أو أنَّ هذا كان قبْلَ تَحْديدِ نِصَابِ السَّرِقَة، وهو رُبع دِينارٍ فما فوْقَه، والدِّينارُ حاليًّا يُعادِلُ (4.25 جم) عيار 24؛ فرُبُع الدِّينارِ يُعادِلُ جِرامًا.
وفي الحَديثِ: التحذيرُ مِنَ الوُقوعِ في السَّرِقةِ.
وفيه: مشروعيَّةُ لَعنِ غَيرِ المعَيَّنِ مِن العُصاةِ؛ لأنَّه لَعَن جِنسَ السَّارِقين مُطلَقًا.