باب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم25-1
سنن الترمذى
حدثنا هناد قال: حدثنا أبو الأحوص، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " خرج رجل ممن كان قبلكم في حلة له يختال فيها، فأمر الله الأرض فأخذته فهو يتجلجل فيها - أو قال: يتلجلج فيها - إلى يوم القيامة ": «هذا حديث حسن صحيح»
الكِبْرُ مِنْ أَعْظَمِ الذُّنوبِ، وَأَكْبَرِ الآثامِ، وقدْ نَهَى اللهُ عنه نَهْيًا شَديدًا، وتَوَعَّدَ أصْحابَ الكِبْرِ بأشدِّ العَذابِ؛ حيثُ خَلَقَ اللهُ عِبادَه كُلَّهم سَواسيَةً، لا فَضْلَ لِأَحَدٍ على أَحَدٍ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "خَرَجَ رَجُلٌ ممَّن كان قبلَكم في حُلَّةٍ له" والحُلَّةُ ثَوْبٌ من قِطْعتيْنِ إزارٍ ورِداءٍ، "يَخْتالُ فيها" من الاخْتيالُ وهو التَّكبُّرُ في المَشْيِ، فكأنَّ المُخْتالَ تخيَّل فَضيلَةً في نَفْسِه على غيْرِه، فاخْتالَ مُتَكبِّرًا بها في مَشْيِه على غيْرِه، "فأَمَرَ اللهُ الأرْضَ، فأَخَذَتْه"، أي: انْهارَتْ به، فَدَخَلَ فيها، "فهو يَتَجَلْجَلُ فيها إلى يوْمِ القِيامَةِ"، أي: يَتَحَرَّكُ وَيَضْطَرِبُ وهو يَنزِلُ وَيَغوصُ في باطنِ الأرضِ إلى قِيامِ الساعَةِ؛ فقِيلَ: هذا العَذابُ يَحْدُثُ له في باطِنِ الأرضِ وهو حَيٌّ، وَقِيلَ: بل لما انْخَسَفَتْ به الأرضُ دُفِنَ فَماتَ، وَتَجَلْجُلُه فيها إلى قيامِ الساعَةِ مِنْ عذابِ قَبْرِه، ويُفيدُ هذا الحديثُ ترْكَ الأَمْنِ من تَعْجيلِ المُؤاخَذَةِ على الذُّنوبِ، وأنَّ عُجْبَ المَرْءِ بنَفْسِه وثَوْبِه وهَيْئتِه منهي عنه وكَبيرةٌ.
وفي الحديثِ: إثباتُ الخَسْفِ لِلْعاصينَ.