باب فى أخذ الجزية من المجوس

باب فى أخذ الجزية من المجوس

 حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع بجالة يحدث عمرو بن أوس وأبا الشعثاء قال كنت كاتبا لجزء بن معاوية عم الأحنف بن قيس إذ جاءنا كتاب عمر قبل موته بسنة اقتلوا كل ساحر وفرقوا بين كل ذى محرم من المجوس وانهوهم عن الزمزمة فقتلنا فى يوم ثلاثة سواحر وفرقنا بين كل رجل من المجوس وحريمه فى كتاب الله وصنع طعاما كثيرا فدعاهم فعرض السيف على فخذه فأكلوا ولم يزمزموا وألقوا وقر بغل أو بغلين من الورق ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذها من مجوس هجر.

كان النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده من الخلفاء الراشدين يرسلون البعوث والسرايا والجيوش؛ لنشر الإسلام، وخصوصا بعد صلح الحديبية، وبعد فتح مكة، فمن صالحهم ودخل الإسلام حقن دمه وماله، ومن عارض ولم يدخل خيروه بين الجزية أو القتال
وفي هذا الحديث يحكي التابعي عمرو بن دينار أنه كان جالسا مع جابر بن زيد وعمرو بن أوس، فحدثهما بجالة بن عبدة -وهو من كبار التابعين- وكان ذلك عام سبعين، وهو العام الذي حج فيه مصعب بن الزبير أمير العراق لأخيه عبد الله بن الزبير -الذي كان متغلبا على الخلافة، ويحكم معظم الأراضي الإسلامية، فحج مصعب بأهل البصرة- فحدثهما بجالة بن عبدة عند درج زمزم، والدرج: هو السلالم الخاصة ببئر زمزم التي ينزل عليها إلى أسفل البئر لنزع الماء حينئذ، فقال: كنت كاتبا لجزء بن معاوية، وهو عم الأحنف بن قيس، وكان عامل عمر رضي الله عنه على الأحواز شرق العراق، فأتانا كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل موته بسنة -أي: في سنة اثنتين وعشرين؛ لأن عمر قتل سنة ثلاث وعشرين- أن فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس -وهم عبدة النار-، أي: فرقوا بين من تزوجوا من المحارم، كالرجل وأمه، والأخ وأخته؛ وذلك حتى يمنع من إظهارهم لهذا، كما شرط على النصارى عدم إظهار صليبهم وعقائدهم؛ لئلا يفتن ضعاف المسلمين، ولئلا يكون لشعائر الكفر ظهور أو علو في الإسلام.
ثم أخبر أنه لم يكن عمر رضي الله عنه أخذ الجزية من المجوس، والجزية: هي ما يؤخذ من أهل الذمة وغيرهم من أموال، وسميت بذلك للإجزاء بها في حقن دمهم. وكان عمر رضي الله عنه يرى أنها لا تؤخذ إلا من أهل الكتاب؛ اليهود والنصارى، حتى شهد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذها من مجوس هجر، وهم أهل البحرين، وكانت البحرين في القديم تطلق على ما يشمل حاليا كلا من: البحرين، والأحساء والقطيف، شرق المملكة العربية السعودية. وقد فتحت في أيام النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثمان أو عشر، على يد العلاء بن الحضرمي
وفي الحديث: إظهار عزة الإسلام وشعائره، ومنع إظهار شعائر أهل الكفر وعاداتهم في ديار الإسلام
وفيه: أن الجزية تؤخد من أهل الكتاب ومن المجوس
وفيه: التوقف في الأحكام عند ما قرره الله ورسوله