باب فى تعظيم قتل المؤمن
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال (ومن يقتل مؤمنا متعمدا) قال ما نسخها شىء.
حرم الله سبحانه وتعالى سفك الدماء المعصومة بغير حق، وتوعد من سفكها عمدا بالعذاب الأليم، والله عز وجل حكم عدل لا تضيع عنده الحقوق
وفي هذا الحديث يخبر التابعي سعيد بن جبير أن أهل الكوفة اختلفوا في آية، هي قول الله تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} [النساء: 93]، أي: اختلفوا في جزاء من قتل مؤمنا متعمدا، والمراد بـ«أهل الكوفة»: فقهاؤها، فرحل سعيد إلى ابن عباس رضي الله عنهما يسأله عنها؛ ليفصل في هذا الخلاف، وتوجهه إلى ابن عباس إنما كان لسببين؛ الأول: أنه صحابي؛ فهو أقرب عهد بالنبوة من التابعين، والثاني: أنه من علماء الصحابة؛ فقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بأن يفقهه الله في الدين، فذكر له سعيد الاختلاف، فأخبره ابن عباس رضي الله عنهما أن آخر ما نزل هذه الآية وقال: «وما نسخها شيء». ومراد كلام ابن عباس رضي الله عنهما: أن آخر ما نزل في جزاء من قتل مؤمنا متعمدا هو الحكم المذكور في تلك الآية: {فجزاؤه جهنم خالدا فيها}، وظاهر معنى النسخ عنده: أنه لا توبة له
والذي عليه الجمهور من السلف والخلف أن القاتل المتعمد له توبة كسائر أصحاب الكبائر؛ لقوله تعالى: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} [طه: 82]، وقوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما} [النساء: 48]،. وأن المراد بالخلود في الآية هو المكث الطويل، أو هو لمن قتل مستحلا قتل المؤمن، أو لمن قتل ولم يتب، فيستحق ذلك إلا أن يعفو الله عنه
وقد روي عن ابن عباس ما يوافق قول الجمهور، وهو ما أخرجه ابن أبي شيبة: «جاء رجل إلى ابن عباس فقال: لمن قتل مؤمنا توبة؟ قال: لا، إلا النار، فلما ذهب قال له جلساؤه: ما هكذا كنت تفتينا، كنت تفتينا أن لمن قتل مؤمنا توبة مقبولة، فما بال اليوم؟ قال: إني أحسبه رجلا مغضبا يريد أن يقتل مؤمنا، قال: فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك»؛ فيحمل القول الأول منه على التغليظ والتشديد، وإنما أفتى الرجل بذلك؛ لأنه ظن أن السائل سأل ليقتل، فأراد زجره عن ذلك
وفي الحديث: بيان الحرص على الرحلة في طلب العلم من أهله ومن هم أعلم
وفيه: أن متعمد القتل بغير حق في خطر عظيم