باب في فضل الأنصار وقريش4
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن الحسن قال: حدثنا سليمان بن داود الهاشمي قال: حدثنا إبراهيم بن سعد قال: حدثني صالح بن كيسان، عن الزهري، عن محمد بن أبي سفيان، عن يوسف بن الحكم، عن محمد بن سعد، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يرد هوان قريش أهانه الله» هذا حديث غريب. حدثنا عبد بن حميد، قال: أخبرني يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: حدثني أبي، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، بهذا الإسناد نحوه
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مَن يُرِدْ"، أي: مَن يقصِدْ "هوانَ قُرَيشٍ"، أي: ذُلَّهم وإهانتَهم، "أهانَه اللهُ"، أي: أذَلَّه وأهانَه، وذلك الجزاءُ مِن جنسِ العملِ؛ قيل: والمرادُ بقُرَيشٍ هم المؤمنونَ منهم؛ وذلك لأنَّهم قبيلتُه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وأصولُه؛ فلهم حقُّ الإكرامِ، فمَن أهانهم بغيرِ إذنٍ شَرعيٍّ استحَقَّ إهانةَ اللهِ له.
وفي هذا الحديثِ قال: "مَن يُرِدْ"، ومعلومٌ أنَّ حُكمَ اللهِ المُطَّرِدَ في عَدلِه أنَّه لا يُعاقِبُ على الإراداتِ، وما تَحدَّثَتْ به الأنفُسُ، إنَّما يُعاقِبُ ويُجازي على الأفعالِ والأقوالِ الواقعةِ، ولكنْ ذكَرَ هنا الإرادةَ للزَّجرِ والوعيدِ، والتَّغليظِ في حقِّ قُرَيشٍ؛ ليكونَ الانتهاءُ عن أذاهم أسرَعَ قَبولًا واتِّباعًا، وفي رِوايةٌ أخرى: "مَن أهان قريشًا، أهانَه اللهُ عزَّ وجلَّ"؛ فعلى هذه الروايةِ يكونُ المقصودُ مَن سَعَى في ذُلِّهم وإهانتِهم بالفِعلِ.