‌‌باب فيمن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم2

سنن الترمذى

‌‌باب فيمن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم2

حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن أبي الزبير، عن جابر، أن عبدا لحاطب بن أبي بلتعة جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطبا فقال: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كذبت لا يدخلها فإنه شهد بدرا والحديبية» هذا حديث حسن صحيح

إنَّ الحُكمَ بدُخولِ أيِّ أحَدٍ الجنَّةَ أو بدُخولِه النَّارَ حَقٌّ خالِصٌ للهِ تَعالَى، ومِن لوازِمِ رُبوبيَّتِه، ومَن نازَعَ اللهَ في رُبوبيَّتِه فهو على شَفا هَلَكةٍ وخطَرٍ عَظيمٍ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه جاءَ عبدٌ ومَولًى لِحاطبِ بنِ أَبي بَلْتَعةَ رَضيَ اللهُ عنه إلى النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَشكو حاطِبًا إليه، فَقال: «يا رسولَ اللهِ، لَيدْخُلَنَّ حاطبٌ النَّارَ» يُعبِّرُ عن غَضبِه مِن حاطِبِ بنِ أبي بَلْتَعةَ رَضيَ اللهُ عنه، ولعلَّ ذلك راجعٌ لِمُعامَلتِه له، وبدَلًا مِن أنْ يَشْكوَه لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخبَرَ بدُخولِ حاطِبٍ النَّارَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: كذبْتَ؛ إمَّا أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أرادَ بالكذِبِ حَقيقتَه، أو أنَّ مَعْناه: أخطَأْتَ؛ لأنَّ العرَبَ تقولُ لمَن أخطَأَ: كذَبْتَ، حيثُ جزَمْتَ وأكَّدْتَ أنَّه سيَدخُلُ النَّارِ، وفي الحقيقةِ أنَّه لنْ يَدخُلَها، ثمَّ بيَّنَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَببَ عَدمِ دُخولِ حاطِبٍ النَّارَ، فأخبَرَ أنَّه قَدْ شَهِدَ غَزْوتَي بَدرٍ الَّتي وقَعَت في السَّنةِ الثَّانيةِ مِن الهجرةِ، وغَزوةَ الحُدَيْبِيَةِ الَّتي وقَعَت في السَّنةِ السَّادسةِ مِن الهِجرةِ، ومَن حَضَرَهما لا يَدخُلُ النَّارَ.
وفي الحديثِ: فَضيلةُ أهلِ بدرٍ وَالحُدَيْبِيَةِ وأنَّهم مَقطوعٌ لهم بالجنَّةِ.
وفيه: فَضلُ حاطبِ بنِ أبي بَلْتَعةَ رَضيَ اللهُ عنه.