‌‌باب كراهية الحجامة للصائم

سنن الترمذى

‌‌باب كراهية الحجامة للصائم

حدثنا محمد بن رافع النيسابوري، ومحمود بن غيلان، ويحيى بن موسى، قالوا: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، عن السائب بن يزيد، عن رافع بن خديج، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أفطر الحاجم والمحجوم»: وفي الباب عن علي، وسعد، وشداد بن أوس، وثوبان، وأسامة بن زيد، وعائشة، ومعقل بن سنان، ويقال: ابن يسار، وأبي هريرة، وابن عباس، وأبي موسى، وبلال.: «وحديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح» وذكر عن أحمد بن حنبل أنه قال: «أصح شيء في هذا الباب حديث رافع بن خديج»، وذكر عن علي بن عبد الله أنه قال: «أصح شيء في هذا الباب حديث ثوبان، وشداد بن أوس لأن يحيى بن أبي كثير روى عن أبي قلابة الحديثين جميعا، حديث ثوبان، وحديث شداد بن أوس» وقد كره قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: الحجامة للصائم حتى أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم احتجم بالليل، منهم: أبو موسى الأشعري، وابن عمر، وبهذا يقول ابن المبارك ".: سمعت إسحاق بن منصور يقول: قال عبد الرحمن بن مهدي: «من احتجم وهو صائم فعليه القضاء». قال إسحاق بن منصور: وهكذا قال أحمد، وإسحاق، «حدثنا الزعفراني». قال: وقال الشافعي: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه احتجم وهو صائم»، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أفطر الحاجم والمحجوم» ولا أعلم واحدا من هذين الحديثين ثابتا، ولو توقى رجل الحجامة وهو صائم كان أحب إلي، ولو احتجم صائم لم أر ذلك أن يفطره ".: «هكذا كان قول الشافعي ببغداد، وأما بمصر فمال إلى الرخصة ولم ير بالحجامة للصائم بأسا، واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في حجة الوداع وهو محرم صائم»
‌‌

في هذا الحَديثِ يَذْكُرُ شَدَّادُ بنُ أوسٍ رضِيَ اللهُ عنه "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم أتَى على رجُلٍ بالبَقيعِ"، وفي هذا ذِكْرٌ للمَكانِ، قال: "وهو يَحتَجِمُ"، والحِجامةُ: هي امتِصاصُ الدَّمِ الزَّائدِ مِنَ الجسَدِ، ثمَّ بيَّن الهيئةَ الَّتي كان علَيْها فقَال: "وهو آخِذٌ بيَدي"، ثمَّ بيَّنَ زَمانَ الكلامِ تَحديدًا، فقال: "لِثَمانَ عَشْرةَ خَلَت مِن رمَضانَ"، وهذا من الحِرِص على ضَبْطِ الرِّوايةِ عَن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، وتصويرِ والزَّمانِ والحالِ التي قيلَ فيها الكلامُ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "أفطَرَ الحاجِمُ والمحجومُ"، أمَّا الحاجِمُ فلأنَّه كان يمَصُّ الدَّمَ مِن المِحْجَمِ فلا يَأمَنُ أن يَصِلَ الدَّمُ إلى حَلْقِه، وأمَّا المَحْجومُ فإنَّه يَضعُفُ لِخُروجِ الدَّمِ منه، فرُبَّما يَعجِزُ عَن الصَّومِ.
وقد ورَد أَنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم "احْتَجَمَ وهو مُحْرِمٌ واحْتَجَمَ وهو صائِمٌ"، فقيل: إنَّ معنَى قولِه: «أَفطرَ الحاجِمُ والمَحْجُومُ»: أي كادَا أن يُفْطِرَا؛ أمَّا الحاجمُ فلخوفِ دُخولِ الدَّمِ في جوفِه، وأمَّا المحجومُ فلضَعْفِهِ..