‌‌باب ما جاء أن الشاة الواحدة تجزي عن أهل البيت

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء أن الشاة الواحدة تجزي عن أهل البيت

حدثنا يحيى بن موسى قال: حدثنا أبو بكر الحنفي قال: حدثنا الضحاك بن عثمان قال: حدثني عمارة بن عبد الله قال: سمعت عطاء بن يسار يقول: سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: «كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس، فصارت كما ترى»: هذا حديث حسن صحيح وعمارة بن عبد الله مديني، وقد روى عنه مالك بن أنس والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد، وإسحاق، واحتجا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضحى بكبش، فقال: «هذا عمن لم يضح من أمتي»، وقال بعض أهل العلم: لا تجزي الشاة إلا عن نفس واحدة، وهو قول عبد الله بن المبارك، وغيره من أهل العلم
‌‌

الأُضحيَّةُ شَعيرةٌ مِن شَعائرِ اللهِ تعالى، تُذبَحُ في أيَّامِ العيدِ يتَقرَّبُ بها المسلِمُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، وقد ضحَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عن نفْسِه وعن أمَّتِه.
وفي هذا الحديثِ يَسأَلُ عَطاءُ بنُ يَسارٍ أبا أيُّوبَ الأنصاريَّ رَضِي اللهُ عَنه: "كيف كانَت الضَّحايا على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؟"، أي: كيف كنتم تُضَحُّون في زمَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؟ فقال أبو أيُّوبَ رَضِي اللهُ عَنه: "كان الرَّجلُ يُضحِّي بالشَّاةِ عنه وعن أهلِ بيتِه"، أي: يَذبَحُ الشَّاةَ الواحدةَ يُضحِّي بها عن نفْسِه وعن أهلِ بيتِه جميعًا، "فيَأكُلون ويُطعِمون"، أي: مِن تلك الشَّاةِ، "حتَّى تَباهَى النَّاسُ"، أي: حتَّى أتى وقتٌ يفتَخِرُ فيه النَّاسُ بكثرةِ أُضحيَّاتِهم، "فصارتْ كما تَرى"، أي: فكانتْ كما تُشاهِدُها اليومَ، يُضحِّي مثلًا الرَّجلُ عن أهلِ بيتِه بأكثرَ مِن شاةٍ؛ فَخرًا ومُباهاةً.
وفي الحديثِ: الزَّجرُ عن المباهاةِ والتَّفاخُرِ بالأُضْحيَّةِ والطَّاعاتِ؛ لأنَّ العمَلَ يَنبَغي أن يَكونَ خالِصًا للهِ بلا رِياءٍ.
وفيه: أنَّ القَليلَ مِن العمَلِ الخالِصِ للهِ أفضَلُ وأولى ممَّا يُخالِطُه الرِّياءُ.