باب ما جاء إن من الشعر حكمة2
سنن الترمذى
حدثنا قتيبة قال: حدثنا أبو عوانة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من الشعر حكما»: «هذا حديث حسن»
لقد بيَّن النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حقيقةَ الأشياءِ تصويبًا وتخطيئًا على جهةِ الحقيقةِ؛ لنُصحِ الأمَّةِ وبيانِ ما ينفَعُها وما يضُرُّها، ومن ذلك بيانُه أنَّ الشِّعرَ ليس كُلُّه مذمومًا، بل فيه ما هو حَسَنٌ، والمسلِمُ مأمورٌ بحِفظِ لسانِه وقَولِ ما ينفَعُه، والانتقاءِ من الكلامِ أجمَلَه، سواءٌ في ذلك الشِّعرُ، أو النَّثرُ، أو الكلامُ المرسَلُ.
وفي هذا الحَديثِ بيانٌ لحقيقةِ الشِّعرِ فيَروي أُبَيُّ بنُ كعبٍ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «إنَّ مِن الشِّعرِ حِكمةً»، والشِّعرُ هو الكلامُ المقَفَّى الموزونُ قَصدًا، وقد يكونُ قَولًا صادقًا مُطابقًا للحقِّ، وقد يكون كذبًا، وإذا كان في الشِّعرِ حِكمةٌ -كالمواعظِ والأمثالِ الَّتي تَنفَعُ النَّاسَ- فيجوزُ إنشادُه بلا رَيبٍ.
والمرادُ بالحِكمةِ: القولُ الصَّادقُ المطابقُ للواقعِ، أو هي عبارةٌ عن العِلمِ المتَّصِفِ بالأحكامِ المشتَمِلِ على المعرِفةِ باللهِ تبارك وتعالى، المصحوبِ بنَفَاذِ البصيرةِ، وتهذيبِ النَّفسِ، وتحقيقِ الحَقِّ، والعَمَلِ به، والصَّدِّ عن اتِّباعِ الهوى والباطِلِ، والحكيمُ مَن له ذلك.
وقيل: أراد بالحِكمةِ: الفِقهُ في الدِّينِ، وقيل: كلُّ كَلِمةٍ صالحةٍ تمنَعُ صاحِبَها عن الوُقوعِ في الْهَلَكَةِ.
وفي الحَديثِ: أنَّ الشِّعرَ ليس بمَذْمومٍ كلُّه.