باب ما جاء في البول قائما 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شريك، وهشيم، ووكيع، عن الأعمش، عن أبي وائل
عن حذيفة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى سباطة قوم، فبال عليها قائما (3).
الإسلامُ دِينُ السَّماحةِ واليُسرِ، وقد خفَّفَ عن المسلمينَ كَثيرًا مِن الأحكامِ التي كانتْ في الأُمَمِ السابقةِ، ومِن ذلك التَّيسيرُ في أمْرِ الطَّهارةِ وإزالةِ النَّجاساتِ إذا أصابَتِ الإنسانَ.
وفي هذا الحديثِ يَروي التابعيُّ أبو وائلٍ شَقيقُ بنُ سَلَمةَ أنَّ أبا مُوسى الأشْعَريَّ رَضيَ اللهُ عنه كانَ يُشدِّدُ في الاحتِرازِ مِن البَولِ، حتَّى قيل: إنَّه كانَ يَبولُ في قَارورةٍ؛ خَوفًا مِن أنْ يُصيبَه شَيءٌ مِنه، ويقولُ: إنَّ بَني إسْرائيلَ كان شَأنُهم إذا أصابَ البَولُ ثَوبَ أحدِهم «قَرَضَه»، أي: قَطَعَ الموضعَ الذي أصابَه البَولُ مِن ثِيابِه، فقالَ حُذَيفةُ بنُ اليَمانِ رَضيَ اللهُ عنه: لَيْتَ أبا مُوسى الأشعرِيَّ أمْسَكَ نفْسَه عن هذا التَّشدِيدِ؛ فإنَّه خِلافُ السُّنَّةِ؛ فقَد أتَى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ «سُباطةَ قَومٍ»، وهي: المَزبلةُ، فبالَ قائِمًا، ولا شكَّ في كَونِ القائمِ مُعرَّضًا للرَّشاشِ، فلم يَتكلَّفِ البَولَ في القارورةِ أو ما شابَهَها، وهذا مِن رفْعِ الحَرَجِ؛ لأنَّ الأصلَ في الشَّريعةِ أنَّ ما أصاب الثِّيابَ أو البَدَنَ مِن نَجاسةٍ فإنَّ الماءَ يُطهِّرُه، فالمسلمُ إذا تَعهَّدَ ما غَلَبَ في ظَنِّه أنَّه أصابَه بَولٌ ونحْوُه؛ فإنَّه يَتبَعُ أثَرَه بالماءِ، فيَطهُرُ. وقيل: إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بال قائمًا في ذلك المَوضعِ؛ لعَدَمِ إمكانِ القُعودِ في المَزبلةِ، أو أنَّ ما سيُصِيبُه مِن نَجاسةٍ في حالِ الجلوسِ أكبَرُ مِن حالِ القيامِ.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ البَولِ قائمًا إذا أَمِنَ ألَّا يُصيبَه شَيءٌ مِن البَولِ.