باب ما جاء في الجنازة لا تؤخر إذا حضرت ولا تتبع بنار

سنن ابن ماجه

باب ما جاء في الجنازة لا تؤخر إذا حضرت ولا تتبع بنار

حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، أخبرنا معتمر بن سليمان، قال: قرأت على الفضيل بن ميسرة، عن أبي حريز
أن أبا بردة حدثه، قال: أوصى أبو موسى الأشعري حين حضره الموت، فقال: لا تتبعوني بمجمر، قالوا له: أوسمعت فيه شيئا؟ قال: نعم، من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3).

الجنائزُ مَواضِعُ للاعتبارِ والعِظَةِ وتَذكُّرِ الموتِ والآخرةِ، ويَنبَغي للسَّائرِ فيها أن يَكونَ مُلتزِمًا بأحكامِ الشَّرعِ الخاصَّةِ بها، وأن يَبتعِدَ عن عاداتِ الجاهليَّةِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو بُرْدةَ: "أوْصَى أبو موسى الأشعريُّ حين حضَره الموتُ"، أي: في مرَضِ موتِه، "فقال: لا تَتْبَعوني بمِجْمَرٍ"، والمِجْمَرُ اسْمُ آلةٍ، وهُو ما يُوقَدُ فيه الطِّيبُ. والمعنى: لا تَتْبَعوني بشيءٍ فيه نارٌ؛ لأنَّه لا فائدةَ فيه، ويؤدِّي إلى الفَأْلِ القَبيحِ؛ فتَرْكُه أَوْلى، وكان هذا مِن عاداتِ الجاهليَّةِ كذلِك، وقد هدَمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذلكَ وزجَرَ عنْه.
ثم قال أصحابُ أبي موسى له: "أوَسَمِعتَ فيه شيئًا؟"، قال أبو موسى رَضِي اللهُ عَنه: "نعَم، مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، وهو ما ورَد مِثلُه موقوفًا عن عمرِو بنِ العاصِ رَضِي اللهُ عَنه في صحيحِ مُسلِمٍ أنَّه قال: "إذا مِتُّ فلا تَصحَبْني نارٌ ولا نائحةٌ".
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن اتِّباعِ الجنائزِ بنارٍ إذا كان لغيرِ إضاءةٍ للَّيلِ ونحوِه.