باب ما جاء في القنوت قبل الركوع وبعده 2
سنن ابن ماجه
حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا سهل بن يوسف، حدثنا حميد
عن أنس بن مالك، قال: سئل عن القنوت في صلاة الصبح، فقال: كنا نقنت قبل الركوع وبعده (2).
الصَّلاةُ عِبادةٌ توقيفيَّةٌ وقد علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كلَّ أفعالِها وآدابِها وما يتَعلَّقُ بذلك، و مِن ذلك: الدُّعاءُ والقنوتُ في الصَّلاةِ.
وفي هذا الحديثِ عن أنسِ بنِ مالكٍ: "سُئِل عن القُنوتِ في صلاةِ الصُّبحِ"، أي: سأَله أحَدُ أصحابِه عن كيفيَّةِ القُنوتِ في صلاةِ الفجرِ على عَهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، والقنوتُ هو اسمٌ للدُّعاءِ في الصَّلاةِ في مَحلٍّ مخصوصٍ مِن القيامِ، فقال أنسٌ رَضِي اللهُ عنه: "كنَّا نَقنُتُ قبلَ الرُّكوعِ وبعدَه"، أي: الأمرُ واسعٌ ومباحٌ؛ فإنَّهم كانوا يَدْعون قبلَ الرُّكوعِ أو بعدَه، والمعنى محمولٌ على القنوتِ في الصُّبحِ وقْتَ النَّازلةِ، والمشهورُ أنَّ أكثرَ ما كان يَقنُتُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بعدَ الرُّكوعِ، وهو المرجَّحُ.
وقد قيل: إنَّ قُنوتَه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان لسَببٍ، وهو الدُّعاءُ على القبائلِ الَّذين غدَروا ببَعْثِه وقتَلوا سَبْعين مِن قُرَّاءِ الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عنهم، وقد جاء في صحيحِ البخاريِّ: عن عاصمٍ، قال: سألتُ أنَسَ بنَ مالكٍ عن القُنوتِ، فقال: قد كان القنوتُ، قلتُ: قبلَ الرُّكوعِ أو بعدَه؟ قال: قَبْلَه، قال: فإنَّ فُلانًا أخبَرني عنك أنَّك قلتَ: بعدَ الرُّكوعِ، فقال: «كذَب، إنَّما قنَت رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بعدَ الرُّكوعِ شهرًا، أُراه كان بعَث قومًا يُقالُ لهم: القُرَّاءُ، زُهاءَ سَبعينَ رَجُلًا، إلى قومٍ مِن المشرِكين دونَ أولئك، وكان بينَهم وبينَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عهدٌ، فقنَت رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم شهرًا يَدْعو عليهم».