‌‌باب ما جاء في تعليم السريانية

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في تعليم السريانية

حدثنا علي بن حجر قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه زيد بن ثابت، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم له كلمات من كتاب يهود قال: «إني والله ما آمن يهود على كتاب» قال: «فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته له» قال: «فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم»: «هذا حديث حسن صحيح وقد روي من غير هذا الوجه عن زيد بن ثابت»

لَمَّا كان اليَهودُ مُنتشِرين في المدينةِ وكانوا أهلَ مكْرٍ وخداعٍ وشرٍّ؛ أمَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أحَدَ الصَّحابةِ أن يتَعلَّمَ لُغتَهم؛ حتَّى يَأمَنَ مَكْرَهم، ويَرُدَّ شرَّهم، وكذلك لِيَكتُبَ إليهم أيضًا الرَّسائلَ والكُتبَ.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ زيدُ بنُ ثابتٍ رضِيَ اللهُ عنه: أمَرني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنْ "أتعَلَّم له كِتابَ يَهودَ"، أي: أمَرني أن أتعلَّم لُغةَ اليَهودِ، وهي اللُّغةُ السُّريانيَّةُ، "قال"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنِّي واللهِ ما آمَنُ يَهودَ على كِتابي"، أي: يُقْسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّه لا يَأتَمِنُ أيَّ يهوديٍّ أن يَكتُبَ له كِتابًا بالسُّريانيَّةِ إذا أراد أن يَكتُبَ رِسالةً إلى اليهودِ، فلعَلَّه يَزيدُ فيه، أو يَنقُصُ مِنه، أو يُغيِّرُ، وكذلك لا يَأتَمِنُ أيَّ يهوديٍّ إذا جاءَتْه رِسالةٌ مِن اليهودِ أنْ يَقرَأَ له هذه الرِّسالةَ فيَزيدَ أو يَنقُصَ فيها أو يُغيِّرَ.
قال زيدُ بنُ ثابتٍ: "فما مَرَّ بي نِصفُ شهرٍ حتَّى تعَلَّمتُه له"، أي: فلم يَمُرَّ أسبوعانِ حتَّى تعَلَّمتُ لُغةَ اليهودِ، "قال"، أي: زيدٌ: "فلمَّا تَعلَّمتُه"، أي: فلمَّا تعَلَّمتُ لُغةَ اليهودِ "كان إذا كتَب إلى يهودَ كتَبتُ إليهم"، أي: كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إذا أراد أن يَكتُبَ إلى اليهودِ رسالةً كَتَبتُها أنا له، "وإذا كتَبوا إليه قرَأتُ له كِتابَهم"، أي: وإذا جاءَت إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن اليهودِ قرَأتُها أنا له، وهذا مِن بابِ مُراعاةِ المصلَحةِ بتَعلُّمِ لُغةِ الأعداءِ ومَن يَكونُ معَهم مُعامَلاتٌ ومَصالِحُ.
وفي الحديثِ: فضيلةٌ لزيدِ بنِ ثابتٍ رضِيَ اللهُ عنه ومنقبةٌ ظاهرةٌ له.