باب ما جاء في توطين المكان في المسجد يصلى فيه

سنن ابن ماجه

باب ما جاء في توطين المكان في المسجد يصلى فيه

حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي، عن يزيد بن أبي عبيد
عن سلمة بن الأكوع أنه كان يأتي إلى سبحة الضحى فيعمد إلى الأسطوانة دون المصحف، فيصلي قريبا منها، فأقول له: ألا تصلي ها هنا؟ وأشير إلى بعض نواحي المسجد، فيقول: إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحرى هذا المقام (1).

كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم حَريصينَ أشدَّ الحِرصِ على اتِّباعِ سُنَّةِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهَدْيِه وأَثَرِه، حتَّى في الأفعالِ الَّتي تكونُ في غيرِ تَكليفٍ.
وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ يَزيدُ بنُ أبي عُبيدٍ، عن سلَمَةَ بنِ الأكوعِ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّه كان يأتي إلى سُبْحَةِ الضُّحى"، أي: لصَلاةِ الضُّحى في المسجِدِ، ووَقتُها: بعد شُروقِ الشَّمسِ قدْرَ رُمْحٍ إلى قبيلِ الظُّهرِ، "فيعمِدُ إلى الأُسطوانةِ"، أي: يقِفُ أمام السَّاريةِ والعمودِ الَّذي في المسجِدِ، "دونَ المُصحَفِ"، أي: عند مُصحفِ عُثمانَ، "فيُصَلِّي قريبًا منها"، أي: قريبًا من تلك الأُسطوانةِ. قال يَزيدُ بنُ أبي عُبيدٍ: "فأقولُ له: ألَا تُصَلِّي هاهنا- وأُشيرُ إلى بعضِ نَواحي المسجِدِ-"، أي: يطلُبُ من سلمَةَ رضِيَ اللهُ عنه أنْ يُغيِّرَ هذا الموضعَ الَّذي اعتاد عليه، فيقولُ سَلمَةُ رضِيَ اللهُ عنه: "إنِّي رأيتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتحرَّى هذا المقامَ"، أي: يقصِدُه للصَّلاةِ فيه؛ فهو يتتبَّعُ آثارَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.