‌‌باب ما جاء في حد بلوغ الرجل والمرأة

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في حد بلوغ الرجل والمرأة

حدثنا محمد بن وزير الواسطي قال: حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، عن سفيان، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: «عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش وأنا ابن أربع عشرة فلم يقبلني، فعرضت عليه من قابل في جيش وأنا ابن خمس عشرة فقبلني» قال نافع: وحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز، فقال: هذا حد ما بين الصغير والكبير، ثم كتب أن يفرض لمن يبلغ الخمس عشرة حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، ولم يذكر فيه أن عمر بن عبد العزيز كتب أن هذا حد ما بين الصغير والكبير وذكر ابن عيينة في حديثه: حدثت به عمر بن عبد العزيز، فقال: هذا حد ما بين الذرية والمقاتلة: هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق يرون أن الغلام إذا استكمل خمس عشرة سنة فحكمه حكم الرجال، وإن احتلم قبل خمس عشرة فحكمه حكم الرجال وقال أحمد، وإسحاق: البلوغ ثلاثة منازل بلوغ خمس عشرة، أو الاحتلام فإن لم يعرف سنه ولا احتلامه فالإنبات يعني العانة
‌‌

حرَصَ الصحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم على الجِهادِ مع رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم لنصرِ الدِّين، وكان التَّابعون رَحِمهم اللهُ تعالى يَحرِصونَ على اقتِفاءِ أثَرَ الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عَنهم في طلَبِ سُنَّةِ وحديثِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ فإذا ما أتاهم نصٌّ امتثَلوا له.
وفي هذا الحديثِ يقولُ ابنُ عُمرَ رضِيَ اللهُ عَنهما: "عُرِضتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في جيشٍ"، أي: لِيَختبِرَ حالي؛ هل أصلُحُ للقِتالِ في جيشِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "وأنا ابنُ أربَعَ عَشْرةَ"، أي: وكانت سنِّي أربعةَ عشَرَ عامًا، "فلم يَقْبَلْني"، أي: لم يُجِزْني النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ولم يَأذَنْ لي في القِتالِ؛ لصِغَرِ سِنِّه، وكان ذلك في غزوةِ أحُدٍ، "فعُرِضتُ عليه"، أي: تكرَّر عَرْضي مرَّةً أخرى على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وكان ذلك في غزوةِ الخندَقِ، "مِن قابِلٍ"، أي: في العامِ الَّذي بَعْدَه في جيشٍ، "وأنا ابنُ خمسَ عَشْرةَ"، أي: وكنتُ قد بلَغتُ في حينِها خَمْسَ عشرةَ سنةً، "فقَبِلني"، أي: أجازَني للقِتالِ معه؛ لأنَّه رآني وقد بلَغتُ وتأهَّلتُ للقِتالِ، فكنتُ مِن المجاهِدين الَّذين لهم نَصيبٌ في الغَنائمِ.
قال نافعٌ مولَى ابنِ عُمرَ رضِيَ اللهُ عَنهما: "وحَدَّثتُ بهذا الحَديثِ عُمرَ بنَ عبدِ العزيزِ"، وكان خليفةَ المسلِمين يومَئذٍ، فقال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ: "هذا حَدُّ"، أي: هذه السِّنُّ (خمسَ عشرةَ سنةً) حدٌّ "ما بين الصَّغيرِ والكبيرِ"، أي: تكونُ نهايةً للصِّغَرِ، وتكونُ بِدايةً لسِنِّ البُلوغِ، "ثمَّ كتَب أن يُفرَضَ لِمَن يَبلُغُ الخمسَ عَشْرةَ"، أي: يُقَدَّرُ لمَن بلَغ هذه السِّنَّ نَصيبٌ ورِزقٌ في دِيوانِ المقاتِلين.