‌‌باب ما جاء في زكاة العسل1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في زكاة العسل1

حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري قال: حدثنا عمرو بن أبي سلمة التنيسي، عن صدقة بن عبد الله، عن موسى بن يسار، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في العسل: «في كل عشرة أزق زق»، وفي الباب عن أبي هريرة، وأبي سيارة المتعي، وعبد الله بن عمرو.: «حديث ابن عمر في إسناده مقال»، «ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب كبير شيء»، «والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم وبه يقول أحمد، وإسحاق»، " وقال بعض أهل العلم: ليس في العسل شيء «،» وصدقة بن عبد الله ليس بحافظ، وقد خولف صدقة بن عبد الله في رواية هذا الحديث، عن نافع "
‌‌

‏قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ ) ‏ ‏هُوَ الْحَافِظُ الذُّهْلِيُّ أَحَدُ الْأَعْلَامِ الْكِبَارِ , لَهُ رِحْلَةٌ وَاسِعَةٌ وَنَقْدٌ , وَرَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَيُدَلِّسُهُ , وَرَوَى عَنْهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ , وَهُوَ الَّذِي جَمَعَ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ فِي مُجَلَّدَيْنِ.
قَالَ الذُّهْلِيُّ : أَنْفَقْت عَلَى الْعِلْمِ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَلْفًا.
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ : ثِقَةٌ حَافِظٌ جَلِيلٌ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ وَلَهُ سِتٌّ وَثَمَانُونَ سَنَةً ‏ ‏( أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيسِيِّ ) ‏ ‏بِكَسْرِ مُثَنَّاةٍ فَوْقُ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا وَكَسْرِ نُونٍ مُشَدَّدَةٍ تَحْتُ وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ , قَالَ فِي التَّقْرِيبِ : صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ مِنْ كِبَارِ الْعَامِرَةِ ‏ ‏( عَنْ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ) ‏ ‏السَّمِينِ الدِّمَشْقِيِّ ضَعِيفٌ مِنْ السَّابِعَةِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( فِي كُلِّ عَشْرَةِ أَزُقٍّ ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ أَفْعُلٍ جَمْعٌ قِلَّةٍ ‏ ‏( زِقٌّ ) ‏ ‏بِكَسْرِ الزَّايِ مُفْرَدٌ الْأَزُقِّ وَهُوَ ظَرْفٌ مِنْ جِلْدٍ يُجْعَلُ فِيهِ السَّمْنُ وَالْعَسَلُ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَيَّارَةَ الْمُتَعِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ) ‏ ‏أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ قَالَ : كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ الْعَسَلِ الْعُشْرُ , وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَرِّرٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ : عَبْدُ اللَّهِ مَتْرُوكٌ وَلَا يَصِحُّ فِي زَكَاةِ الْعَسَلِ شَيْءٌ , كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَيَّارَةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْهُ قَالَ : قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي نَخْلًا , قَالَ : " فَأَدِّ الْعُشُورَ " الْحَدِيثُ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ , قَالَ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : لَا يَقُومُ بِهَذَا حُجَّةٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : جَاءَ هِلَالٌ أَحْمَدُ بْنُ مَتْعَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُشُورِ نَحْلٍ لَهُ وَكَانَ سَأَلَهُ أَنْ يَحْمِيَ لَهُ وَادِيًا فَحَمَاهُ لَهُ , فَلَمَّا وَلَّى عُمَرُ كَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ إِنْ أَدَّى إِلَيْك عُشُورَ نَحْلِهِ فَاحْمِ لَهُ سَلَبَهُ وَإِلَّا فَلَا.
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ ذِكْرِهِ : إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إِلَى عَمْرٍو , وَتَرْجَمَةُ عَمْرٍو قَوِيَّةٌ عَلَى الْمُخْتَارِ لَكِنْ حَيْثُ لَا تَعَارُضَ , وَقَدْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هِلَالًا أَعْطَى ذَلِكَ تَطَوُّعًا , فَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ صَالِحِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ يَنْهَاهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْعَسَلِ صَدَقَةً , إِلَّا إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا فَجَمَعَ عُثْمَانُ أَهْلَ الْعَسَلِ فَشَهِدُوا أَنَّ هِلَالَ بْنَ سَعْدٍ قَدِمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَسَلٍ فَقَالَ " مَا هَذَا ؟ " قَالَ : صَدَقَةٌ , فَأَمَرَ بِرَفْعِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْعُشُورَ , لَكِنَّ الْإِسْنَادَ الْأَوَّلَ أَقْوَى , إِلَّا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْحِمَى.
كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ ) ‏ ‏لِأَنَّهُ قَدْ تَفَرَّدَ بِهِ صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَلَا يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ كَبِيرُ شَيْءٍ ) ‏ ‏وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ : لَا يَصِحُّ فِي زَكَاةِ الْعَسَلِ شَيْءٌ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ , وَبِهِ يَقُولُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ , وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَيْسَ فِي الْعَسَلِ شَيْءٌ ) ‏ ‏, وَقَالَ اِبْنُ الْمُنْذِرِ لَيْسَ فِي الْعَسَلِ خَبَرٌ يَثْبُتُ وَلَا إِجْمَاعٌ فَلَا زَكَاةَ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ , وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ : يَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا أُخِذَ مِنْ غَيْرِ أَرْضِ الْخَرَاجِ.
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ نَقْلِ قَوْلِ اِبْنِ الْمُنْذِرِ هَذَا : وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ مُقَابِلُهُ قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ , ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ قَوْلَ التِّرْمِذِيِّ هَذَا ثُمَّ قَالَ : وَأَشَارَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ إِلَى أَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ اِبْنُ الْمُنْذِرِ أَقْوَى اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ.
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ : وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَحَكَاهُ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الْجُمْهُورِ إِلَى عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْعَسَلِ قَالَ : وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي سَيَّارَةَ وَحَدِيثَ هِلَالٍ إِنْ كَانَ غَيْرَ أَبِي سَيَّارَةَ لَا يَدُلَّانِ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْعَسَلِ لِأَنَّهُمَا تَطَوَّعَا بِهَا وَحُمِيَ لَهُمَا بَدَلَ مَا أُخِذَ , وَعَقِلَ عُمَرُ الْعِلَّةَ فَأَمَرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ , وَلَوْ كَانَ سَبِيلُهُ سَبِيلَ الصَّدَقَاتِ لَمْ يُخْبَرْ فِي ذَلِكَ , وَبَقِيَّةُ الْأَحَادِيثِ لَا تَنْتَهِضُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهَا اِنْتَهَى.