باب ما جاء في زكاة العسل2
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع قال: سألني عمر بن عبد العزيز عن صدقة العسل، قال: قلت: ما عندنا عسل نتصدق منه، ولكن أخبرنا المغيرة بن حكيم أنه قال: «ليس في العسل صدقة»، فقال عمر: «عدل مرضي، فكتب إلى الناس أن توضع»، يعني عنهم
بَيَّنَ الشَّرعُ الحَكيمُ أحكامَ الزَّكاةِ، وبَيَّنَ الأموالَ التي تَجِبُ فيها، كما بَيَّنَ بَعضًا مِنَ الأموالِ التي عَفا اللهُ عنها، ولم يُوجِبْ فيها زَكاةً.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "في العَسَلِ"، أي: في زكاةِ العَسَلِ، "في كُلِّ عَشَرةِ أزُقٍّ زِقٌّ"، والزِّقُّ: وِعاءٌ مِنَ الجِلدِ يُحفَظُ فيه العَسَلُ، والمُرادُ أنَّه إذا بَلَغَ العَسَلُ مِقدارَ النِّصابِ، وَجَبَ فيه العُشرُ، ويُؤيِّدُ ذلك حَديثُ ابنِ ماجَهْ عن أبي سَيَّارةَ المُتَعيِّ رَضيَ اللهُ عنه قالَ: "قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ لي نَحلًا"، أي: يُنتِجُ له العَسَلَ، قالَ: "أدِّ العُشرَ"، أيْ: أخْرِجِ العُشرَ مِن عَسَلِكَ زَكاةً له، "قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، احْمِها لي"، وفي رِوايةِ الطَّبَرانيِّ: "فاحْمِ لي جَبَلَها"، أيِ الجَبَلَ الذي فيه مَرْعى النَّحلِ وأماكِنُ مأواها، "فحَماها لي"، أيْ: فاستَجابَ له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حِمايةِ الجَبَلِ.
قالَ العُلَماءُ: لم يَصِحَّ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذا البابِ كَبيرُ شَيءٍ، والعَملُ على غيرِ هذا عِندَ أكثَرِ أهلِ العِلْمِ، أيْ أنَّه لا زَكاةَ في العَسَلِ، لكِنْ إنْ أخرَجَها الإنسانُ تطَوُّعًا فهو خَيرٌ له، ورُبَّما يَكونُ ذلك سَبَبًا لِنُموِّ نَحلِه وكَثرَةِ عَسَلِه.