باب ما جاء في صفة الحوض2
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن محمد بن نيزك البغدادي قال: حدثنا محمد بن بكار الدمشقي قال: حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لكل نبي حوضا وإنهم يتباهون أيهم أكثر واردة، وإني أرجو أن أكون أكثرهم واردة»: «هذا حديث غريب» وقد روى الأشعث بن عبد الملك، هذا الحديث عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم «مرسلا ولم يذكر فيه عن سمرة وهو أصح»
فَضَّل اللهُ سبحانه بعضَ النبيِّين على بعضٍ، وأفضلُهم على الإطلاقِ نبيُّنا محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم، ومِن مظاهِرِ تَفضيلِه صلَّى الله عليه وسلَّم على سائرِ الأنبياءِ عليهم السَّلامُ أنْ جعَلَه أكثرَهم تابِعًا يومَ القيامةِ.
وفي هذا الحديثِ: يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنِّ لُكلِّ نبي حوضًا"، أي: كما أنَّ لي حوضًا سوف تَشْربونَ منه، فإنَّ لكُلِّ نبيٍّ مِنْ الأنبياءِ حوضًا تَشْرَبُ منه أُمَّتُه وتَرِدُ عليه، وكلُّ حوضِ نبيٍّ على قَدْرِ رُتبتِه وأُمَّتِه، "وإنَّهم يَتباهَونَ أَيُّهم أَكْثَرُ واردةً"، أي: وإنَّ الأنبياءَ يَتفاخرونَ بَيْنهم يومَ القيامةِ، أيُّ نَبيٍّ منهم أَكْثَرُ أتْباعًا على الحوضِ، وأَكْثَرُ شاربًا مِنْ حوضِهِ، والوارِدُ هو الذي يَنْزِلُ على حِياضِ الماءِ ويَشْرَبُ منها، "وإنِّي أرجو أنْ أَكونَ أكْثَرَهم وارِدةً"، أي: يُريدُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يكونَ أَكْثَرَ الأنبياءِ يومَ القيامةِ تَبَعًا، وأَكْثَرَهم حُضورًا على الحوضِ؛ قيل: لعلَّ هذا الرَّجاءَ قبلَ أنْ يعلمَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ أُمَّتَه أكثرُ الأُممِ يومَ القِيامةِ، وقدْ حقَّق اللهُ تعالى رجاءَه، وفي هذا إعلامٌ بأنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم أكثرُ الرُّسلِ أجرًا؛ لأنَّه يُؤجَرُ بأعمالِ مَن اتَّبعَه الصَّالحةِ.
وفي الحديثِ: بيانُ أنَّ عددَ الحِياضِ يومَ القيامةِ بعدَدِ الأنبياءِ.
وفيه: بيانُ تَفاخُرِ الأنبياءِ يومَ القيامةِ بأَكْثَرِهِمْ تَبَعًا.