باب ما جاء في صيام الشك 2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حفص بن غياث، عن عبد الله ابن سعيد، عن جده
عن أبي هريرة، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تعجيل صوم يوم قبل الرؤية (2).
جعَلَ اللهُ الأهِلَّةَ لحِسابِ الشُّهورِ والسِّنينَ، فبِرُؤْيةِ الهِلالِ يَبدَأُ شَهْرٌ ويَنْتَهي آخَرُ، وعلى تلك الرُّؤْيةِ تتَحدَّدُ فَرائضُ كَثيرةٌ، كالصِّيامِ، والحَجِّ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو هُريرةَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى أنْ يَسْتقبِلَ المسلِمُ رَمَضانَ بصِيامِ آخرِ شَعبانَ، فيَصومَ قبْله يَومًا أو يَومينِ، فلا يُشرَعُ أنْ يَتقدَّمَ الشَّخصُ رمَضانَ بصَومِ يومٍ أو يَومينِ بقصْدِ الاحتِياطِ له؛ فإنَّ صَومَه مُرتبِطٌ بالرُّؤيةِ، فلا حاجةَ إلى التَّكلُّفِ، وسَواءٌ كان الجوُّ صَحْوًا أو غائمًا.
وإنَّما ذَكَر اليومينِ؛ لأنَّه قد يَحصُلُ الشَّكُّ في يَومينِ؛ لوُجودِ غَيمٍ أو ظُلمةٍ في شَهرينِ أو ثَلاثةٍ. وإنَّما نَهى عن ذلك لأمرينِ؛ الأمرُ الأوَّلُ: خَوفًا مِن أنْ يُزادَ في رَمَضانَ ما لَيس منه، كما نُهِيَ عن صِيامِ يومِ العيدِ لذلك، حذَرًا ممَّا وَقَعَ فيه أهلُ الكتابِ في صِيامِهم، فَزادوا فيه بآرائِهِم وأهْوائِهم، ولهذا نُهِيَ عن صَومِ يومِ الشَّكِّ. الأمرُ الثَّاني: أنَّ الحُكمَ عُلِّقَ بالرُّؤيةِ؛ فمَنْ تَقدَّمه بيومٍ أو يَومينِ فقدْ حاولَ الطَّعنَ في ذلِك الحُكمِ.
ثمَّ استَثْنى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن هذا النَّهيِ ما إذا اعتادَ الإنسانُ صَومَ يَومٍ مُعيَّنٍ، كأنِ اعتادَ صَومَ يَومٍ وفِطرِ يومٍ، أو يومٍ مُعيَّنٍ كالاثنينِ فصادَفَه، فلا مانعَ مِن صِيامِه إذنْ؛ لأنَّ ذلك ليس مِن جِنسِ الصِّيامِ المَنهيِّ عنه شَرْعًا.