باب ما جاء في علامة حلول المسخ والخسف
سنن الترمذى
حدثنا عباد بن يعقوب الكوفي قال: حدثنا عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن هلال بن يساف، عن عمران بن حصين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف»، فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله، ومتى ذاك؟ قال: «إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور»: وقد روي هذا الحديث، عن الأعمش، عن عبد الرحمن بن سابط، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل وهذا حديث غريب
إذا ظهَرَتْ في هذِه الأُمَّةِ بعضُ المعاصي والآثامِ، فإنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ يُعاقِبُها ببعضِ ما عاقبَ به الأُمَمَ الهالِكةَ؛ زجْرًا لتلك الأُمَّةِ أنْ تأخُذَ طريقَ العِصيانِ.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "في هذِه الأُمَّةِ"، أي: يقَعُ فيها، والمُرادُ أُمَّةُ الإجابةِ، "خسْفٌ" وهو الهُبوطُ الَّذي يقَعُ بجُزْءٍ مِن الأرضِ، "ومسْخٌ"، وهو تَحويلُ الصُّورةِ وتبْديلُها إلى أقبَحَ منها، كما مُسِخَت بنو إسرائيلَ قِردةً وخنازيرَ. وقيل: المُرادُ بالمسْخِ هنا على ظاهرِه لِمَن أراد اللهُ أنْ يُعجِّلَ له العُقوبةَ في الدُّنيا، "وقذْفٌ"، وهو الرَّمْيُ بالحِجارةِ كما حدَثَ لقَومِ لُوطٍ، قال عِمرانُ رضِيَ اللهُ عنه: "فقال رجُلٌ مِن المُسلِمينَ: يا رَسولَ اللهِ، ومتى ذلك؟" أي: يَسأَلُ عن أَسبابِ وُقوعِ هذا العَذابِ، فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إذا ظَهَرَتِ القِيَانُ"، جمْعُ القَيْنَةِ، وهي الأَمَةُ الَّتي تُغنِّي، "والمعازفُ، وشُرِبَت الخُمورُ"، والمُرادُ: أنَّ هذا العَذابَ يقَعُ بالأُمَّةِ إذا اسْتُحِلَّ شُربُ الخَمْرِ الَّذي هو مِن الكَبائرِ، والإقبالُ على اللَّهوِ بسَماعِ الأغاني والمعازِفِ.
وفي الحديثِ: بيانُ عِظَمِ الذُّنوبِ، وعِظَمِ عُقوبتِها.
وفيه: التَّحذيرُ مِن انتِشارِ الفواحِشِ، وأنَّها سببٌ للعِقابِ العامِّ.