‌‌باب ما جاء في كراهية أن يفرق بين الأخوين أو بين الوالدة وولدها في البيع

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في كراهية أن يفرق بين الأخوين أو بين الوالدة وولدها في البيع

حدثنا عمر بن حفص الشيباني قال: أخبرنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني حيي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن أبي أيوب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من فرق بين الوالدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة»: هذا حديث حسن غريب
‌‌

الإسلامُ دِينُ الرَّحمةِ والرِّفقِ وقد راعَى مَشاعرَ النَّاسِ إلى أقصَى درجةٍ؛ فمنَع مِن جَلْبِ مصلحةٍ قد تَجلِبُ ضررًا على الآخَرين؛ حيث حذَّر مِن التَّفريقِ بين الأَمةِ وأبنائِها عندَ البَيعِ حتَّى لا يُفجَعَ قلبُها بأبنائِها.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مَن فرَّق بينَ والدةٍ وولَدِها"، أي: مَن كان يملِكُ أمَةً ولها أبناءٌ، فأراد أنْ يبيعَها أو يبيعَ أحَدَ أبنائِها فيفصِلُ بينَهم فتفترِقُ الأمُّ عن أبنائِها، أو وهَبَ أحدَهما ففرَّق بينَهما بهذه الطُّرقِ وغيرِها، وقد خصَّ بعضُ العُلماءِ هذا التَّفريقَ بما قَبلَ سنِّ البُلوغِ والتَّمييزِ، وبرِضا الطَّرَفَين، وكذلك التَّفريقُ بين الأَخَوين والجَدِّ والجَدَّةِ وسائرِ الأرحامِ، أمَّا بعدَ البُلوغِ والتَّمييزِ فأجاز البعضُ التَّفريقَ، "فرَّق اللهُ بينَه وبين أحبَّتِه يومَ القيامةِ"، أي: كان جَزاؤُه أنْ يُفرِّقَ اللهُ بَينه وبين مَن يُحِبُّ مِن أبنائِه أو أبوَيه أو أحبابِه يومَ القِيامةِ؛ وذلك لأنَّ ذلك اليومَ يومٌ يُحِبُّ أنْ يَجتمِعَ فيه الأحبَّةُ عند ربِّهم مِن أجلِ أنْ يشفَعَ بعضُهم لبعضٍ، فمَن فرَّق بينَ أحِبَّةٍ عُوقِبَ بالتَّفريقِ بينه وبين أحبَّتِه في يومٍ أشدَّ ما يكونُ في حاجةٍ إليهم؛ فالجزاءُ مِن جنسِ العمَلِ، وعليه فمَن أراد أنْ يبيعَ أمَةً ولها أبناءٌ، فإمَّا أنْ يبيعَها وأبناءَها، أو يُمسِكَها وأبناءَها.
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ والزَّجرُ مِن التَّفريقِ بين الأمِّ وأبنائِها.