باب ما جاء في كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان
سنن الترمذى
حدثنا هناد قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن إبراهيم بن المهاجر، عن أبي الشعثاء، قال: خرج رجل من المسجد بعد ما أذن فيه بالعصر، فقال أبو هريرة: «أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم»، وفي الباب عن عثمان، حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. وعلى هذا العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم: أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان، إلا من عذر: أن يكون على غير وضوء، أو أمر لا بد منه. ويروى عن إبراهيم النخعي، أنه قال: «يخرج ما لم يأخذ المؤذن في الإقامة». وهذا عندنا لمن له عذر في الخروج منه. وأبو الشعثاء اسمه سليم بن أسود، وهو والد أشعث بن أبي الشعثاء، وقد روى أشعث بن أبي الشعثاء هذا الحديث، عن أبيه
المُحافَظةُ على الصَّلواتِ أَمْرٌ شرعيٌّ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ، وقد أَمَر اللهُ وأَوْصَى بالمُحافَظةِ عليها وعلى الجَماعةِ، وفي ذلك أجرٌ وفَضْلٌ للمسلم، وفي الجماعةِ مُضاعَفةُ الأجْر لسَبعةٍ وعِشرين ضِعْفًا، والإعراضُ عن الصَّلاة أو الخروجُ من المسجدِ عند الأذانِ للصَّلاة بلا عُذْرٍ فيه مُخالَفةٌ لهَدْي النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وفيه شُبهةُ نِفاقٍ.
وهذا الحديثُ يُوضِّحُ ذلك؛ فقولُه: "كنَّا قعودًا في المسجِدِ مع أبي هُرَيرةَ، فأذَّن المؤذِّن، فقام رَجلٌ من المسجدِ يمشي"، أي: يَخرُج من المسجدِ بعدَ سماعِه الأذانَ، "فأَتْبَعه أبو هُرَيرةَ بصرَه حتَّى خرَجَ من المسجدِ"، أي: فتتبَّعه وهو خارجٌ من المسجِدِ بعينه حتَّى خرَج بالفِعْل، فقال أبو هُرَيرةَ: "أمَّا هذا فقد عَصَى أبا القاسِم صلَّى الله عليه وسلَّم"، أي: لخروجِه من المسجدِ بعدَ الأذانِ دون عُذْر.
وفي الحديث: التَّحذيرُ من الخُروجِ من المسجِدِ بعدَ سَماعِ الأذان بلا عُذْر.
وفيه: بيانُ أنَّ مِن سنَّة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم انتظارَ الصَّلاة في المسجِدِ إذا سُمِع الأذانُ.