باب ما جاء فيمن يرمي الصيد فيجده ميتا في الماء
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرني عاصم الأحول، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصيد، فقال: «إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله، فإن وجدته قد قتل فكل إلا أن تجده قد وقع في ماء فلا تأكل، فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك»: هذا حديث حسن صحيح
للصَّيدِ البَرِّيِّ أحْكامٌ بَيَّنَها اللهُ سُبحانَه في كِتابِه، وفَصَّلها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سُنَّتِه، وهذا الحَديثُ يُوضِّحُ بَعضًا من هذِه الأحْكامِ، وفيه يَروي عَديُّ بنُ حاتمٍ الطَّائيُّ رَضِي الله عنه: «أَنَّه سَألَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الصَّيدِ؟»، أي: عن حُكْمِه وأحْوالِه، وما يَحِلُّ مِنه وما يَحرُم، «فقال: إذا أَرْسَلْتَ سَهْمَك»؛ أي ضَربْتَ سَهمَك في الصَّيدِ، «وكَلْبَك»، أي: وأرْسَلْتَ كَلبَك المُعَلَّمَ المُدَرَّبَ على كَيفيَّةِ الصَّيدِ، «وذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ»، عندَ ضَربِ السَّهمِ وإرسالِ الكَلبِ، «فَقَتَلَ سَهمُك فَكُلْ»، أي: فماتَ الصَّيدُ من أَثَرِ ضَربَةِ سَهمِك فهو حَلالٌ لك، فَكُلْهُ، «قال: فَإنْ باتَ عنِّي لَيلَةً يا رَسولَ اللهِ؟ قال: إن وَجَدْتَ سَهْمَك»، في الصَّيدِ، «ولم تَجِدْ فيه أَثرَ شَيءٍ غَيرَه فَكُلْ»، أي: إذا لم تَجِدْ فيه ما يَدلُّ على أنَّه ماتَ بِغيرِ سَهمِك، بل وُجِدَ سَهمُك فيه، وأنَّه ماتَ من أَثَرِ ضَربَتِه فهذا حَلالٌ؛ فَكُلْه، وإنْ وَقَعَ في الماءِ فلا تَأكُلْ»؛ وهذا أذْهَبُ للشَّكِّ؛ لأنَّه قد يَكون مات غَرقًا؛ فلا يَحِلُّ أكْلُه، كما في روايةٍ أُخرَى عندَ أبي داودَ: «فَغَرَقَ فماتَ، فلا تَأكُلْ».
وفي الحديث: البُعدُ عن أكْلِ الصَّيدِ الذي به شُبْهَةُ المَوتِ بِغير سَهمِ الصَّائدِ.
وفيه: بيانُ أنَّ مِن شروطِ الأكلِ مِن صَيدِ الكلبِ المُعلَّمِ: ذِكرَ اسمِ اللهِ عليه