باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء
حدثنا أبو كامل، نا خالد يعني ابن الحارث ، نا عمران بن مسلم : أن قيس بن سعد حدثه، قال: نا طاوس ، عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان في التهجد يقول بعدما يقول: الله أكبر،» ثم ذكر معناه
( أنت نور السموات والأرض ) : أي منورهما وخالق نورهما
وقال أبو عبيد معناه بنورك يهتدي أهل السموات والأرض ( أنت قيام السموات والأرض ) : وفي رواية لمسلم : قيم السموات والأرض
قال النووي : قال العلماء من صفاته القيام والقيم , كما صرح به في هذا الحديث , والقيوم بنص القرآن , وقائم , ومنه قوله تعالى : { أفمن هو قائم على كل نفس } قال الهروي : ويقال : قوام
قال ابن عباس : القيوم الذي لا يزول
وقال غيره : هو القائم على كل شيء , ومعناه مدبر أمر خلقه , وهما شائعان في تفسير الآية والحديث ( أنت رب السموات والأرض ومن فيهن ) : قال العلماء للرب ثلاث معان في اللغة , السيد المطاع , والمصلح , والمالك
قال بعضهم : إذا كان بمعنى السيد المطاع فشرط المربوب أن يكون ممن يعقل وإليه أشار الخطابي بقوله لا يصح أن يقال سيد الجبال والشجر
قال القاضي عياض : هذا الشرط فاسد بل الجميع مطيع له سبحانه وتعالى
قال الله تعالى { قالتا أتينا طائعين }.
( أنت الحق ) : قال العلماء : الحق في أسمائه سبحانه وتعالى معناه المتحقق وجوده وكل شيء صح وجوده وتحقق فهو حق ومنه الحاقة أي الكائنة حقا بغير شك ( وقولك الحق ووعدك الحق إلخ ) : أي كله متحقق لا شك فيه , والمراد بلقائك البعث لا الموت ( لك أسلمت ) : أي لك استسلمت وانقدت لأمرك ونهيك ( وبك آمنت ) : أي صدقت بك وبكل ما أخبرت وأمرت ونهيت ( وإليك أنبت ) : أي أطعت ورجعت إلى عبادتك أي أقبلت عليها , وقيل معناه رجعت إليك في تدبيري , أي فوضت إليك ( وبك خاصمت ) : أي بما أعطيتني من البراهين والقوة خاصمت من عاند فيك وكفر بك وقمعته بالحجة والسيف ( وإليك حاكمت ) : أي كل من جحد الحق حاكمته إليك وجعلتك الحاكم بيني وبينه لا غيرك مما كانت تحاكم إليه الجاهلية وغيرهم , من صنم وكاهن ونار وشيطان وغيرها فلا أرضى إلا بحكمك ولا أعتمد غيره ( فاغفر لي ) : معنى سؤاله صلى الله عليه وسلم المغفرة وأنا مع أنه مغفور له أنه يسأل ذلك تواضعا وخضوعا وإشفاقا وإجلالا وليقتدى به في أصل الدعاء والخضوع وحسن التضرع في هذا الدعاء المعين
قال المنذري : وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه