باب من حلف على يمين فاجرة ليقتطع بها مالا 2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن كعب، أنه سمع أخاه عبد الله بن كعب
أن أبا أمامة الحارثي حدثه، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يقتطع رجل حق امرئ مسلم بيمينه، إلا حرم الله عليه الجنة، وأوجب له النار". فقال رجل من القوم: يا رسول الله، وإن كان شيئا يسيرا؟ قال: "وإن كان سواكا من أراك" (2).
شدَّدَ الإسلامُ في أمْرِ حُقوقِ النَّاسِ، وحرَّمَ انتهاكَها على المُسلِمِ وغيرِه.
وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ أبو أُمامةَ الحارثيُّ: أنَّه سمِعَ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: "لا يَقتطِعُ رجُلٌ حَقَّ امرِئٍ مُسلِمٍ"، أي: يَعْتدي عليه دونَ وَجْهِ حَقٍّ، "بيَمينِه"، أي: بالحلِفِ الكاذِبِ، "إلَّا حرَّمَ اللهُ عليه الجنَّةَ، وأوجَبَ له النَّارَ" أي: أدخَلَه اللهُ النَّارَ؛ جزاءً على كذِبِه وحَلِفِه، وأكْلِه حَقَّ النَّاسِ باليمينِ الكاذبةِ، وحرَّمَ عليه دُخولَ الجنَّةِ، وذلك إذا كان مُستحِلًّا للفِعلِ، ولم يتُبْ ويَرُدَّ الحقَّ لأهلِه، وإنَّما كبُرَت هذه المعصيةُ؛ لأنَّ اليمينَ الغَموسَ من الكبائرِ الَّتي شدَّدَ فيها الشَّرعُ، "فقال رجُلٌ من القومِ: يا رسولَ اللهِ، وإنْ كان شيئًا يسيرًا؟"، أي: وإنْ كان الحقُّ المأخوذُ ظُلمًا قليلًا وتافهًا، فقال له رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وإنْ كان سِواكًا من أراكٍ"، أي: وإنْ كان سِواكًا، وهو قليلُ القِيمةِ، ويُؤْخَذُ من شَجرِ الصَّحراءِ، ولكنَّه بعدَ تَملُّكِه لا يجوزُ أخْذُه من صاحبِه.
وفي الحديثِ: التَّغليظُ والتَّحذيرُ في استِحلالِ حُقوقِ النَّاسِ بغيرِ وَجْهِ حَقٍّ.