باب: من لعب به الشيطان في منامه فلا يحدث به الناس1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين، حدثني عطاء بن أبي رباح
عن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني رأيت رأسي ضرب، فرأيته يتدهده، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يعمد الشيطان إلى أحدكم، فيتهول له، ثم يغدو يخبر الناس" (1)
ما يَراه النَّائمُ في المنامِ أنواعٌ؛ فهو إمَّا أن يكونَ رُؤيا، وهي مِن اللهِ تعالى، وإمَّا أن يَكونَ حُلمًا وهو مِن الشَّيطانِ، وإمَّا أن يَكونَ حديثَ نَفْسٍ، ويُسمَّى أضغاثَ أحلامٍ، والشَّيطانُ يتَربَّصُ لابنِ آدمَ فيُريه في مَنامِه ما يُفزِعُه.
وفي هذا الحديثِ يَحكي أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنه، أنَّه: "جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فقال: إنِّي رأَيتُ"، أي: في المنامِ "رَأْسي ضُرِب"، أي: قُطِع وسَقَط عن جسَدِه، "فرَأيتُه يتَدَهْدَهُ"، أي: يتَدحرَجُ ويَضطرِبُ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "يَعمِدُ"، أي: يأتي ويَقصِدُ "الشَّيطانُ إلى أحَدِكم فيتَهوَّلُ له"، أي: يُريه ما يَهُولُه ويُفزِعُه، "ثمَّ يَغْدو يُخبِرُ النَّاسَ"، أي: يُحدِّثُ النَّاسَ بما أفزَعَه، قاله النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في قَصدِ الإنكارِ بالإخبارِ بمِثلِه، وأنَّه لا ينبَغي له الإخبارُ، وإنَّما يَنبَغي له السُّكوتُ والإعراضُ عنه، فإنَّه لا يَضُرُّه؛ كما جاء في حديثِ مُسلِمٍ: "لا تُحدِّثِ النَّاسَ بتَلعُّبِ الشَّيطانِ بك في مَنامِك". ويُسَنُّ أن يتَعوَّذَ باللهِ مِنه ويَبصُقَ عن يَسارِه ثلاثًا، وألَّا يُحدِّثَ به، فمَن فعَل ذلك لا يَضُرُّه، كما يُستحَبُّ أن يتَحوَّلَ عن جَنبِه، كما جاء في حديثِ جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عَنهما في صحيحِ مُسلِمٍ.
وفي الحديثِ: بيانُ أنَّ الشَّيطانَ يَحزُنُ الإنسانَ في مَنامِه بما يَراه مِن الشَّرِّ والخوفِ.
وفيه: النَّهيُ عن إخبارِ النَّاسِ بالحُلْمِ المفزِعِ.