باب: ومن سورة التوبة11
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن العلاء أبو كريب قال: حدثنا معاوية بن هشام قال: حدثنا يونس بن الحارث، عن إبراهيم بن أبي ميمونة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " نزلت هذه الآية في أهل قباء {فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} [التوبة: 108] " قال: «كانوا يستنجون بالماء، فنزلت هذه الآية فيهم». «هذا حديث غريب من هذا الوجه». وفي الباب عن أبي أيوب، وأنس بن مالك، ومحمد بن عبد الله بن سلام
أمَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ المُسلِمَ بالطَّهارَةِ، وجعَلَ لها أجْرًا عَظيمًا، حتى إنَّه أثْنَى عزَّ وجلَّ في كتابِه على الذين كانوا يُحافِظونَ عليها ويُبالغونَ فيها؛ لِما فيه مِن كَمالِ طُهوريَّتِهم، ومِن أوائلِ هؤلاء المتطهِّرينَ أهلُ مسجدِ قُباءٍ، وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو هُرَيرَةَ رضِيَ اللهُ عنه: "نَزَلتْ هذه الآيةُ في أهلِ قُباءٍ" وقُباءٌ قَريَةٌ بالمدينةِ في أوَّلِها مِن جِهةِ القادمِ مِن مكَّةَ وتَبعُدُ ميلَينِ أو ثَلاثَةً (5كم) تقريبًا عن المدينَةِ، نزَلَ فيهم قَولُه تَعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108]؛ فأثْنى اللهُ عزَّ وجلَّ عليهم في الطَّهورِ، قال أبو هُرَيرَةَ رضِيَ اللهُ عنه: "كانوا يَستَنجُون بالماءِ"، أي: كانوا يَستَعمِلون الماءَ لإزالَةِ أثَرِ الخارِجِ من بَولٍ أو غائِطٍ، وقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحافِظُ على الطَّهارةِ بالماءِ؛ فعندَ ابنِ ماجَهْ مِن حديثِ عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها، أنَّها قالت: "ما رَأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خرَجَ من غائطٍ قطُّ إلَّا مَسَّ ماءً"، أي: استَنْجَى به، أو توضَّأَ بعدَ الانتهاءِ مِن قَضاءِ حاجتِه.
وفي الحَديثِ: الحَثُّ على الطَّهارةِ والنَّظافةِ بالماءِ من الأدرانِ والأقذارِ.
وفيه: فَضلٌ ومَنقَبةٌ لأهلِ قُباءٍ، والثَّناءُ عليهم؛ لاهتمامِهم بأمْرِ الطَّهارةِ( ).