باب: ومن سورة الزمر1
سنن الترمذى
حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: لما نزلت {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} [الزمر: 31] قال الزبير: يا رسول الله أتكرر علينا الخصومة بعد الذي كان بيننا في الدنيا؟ قال: «نعم»، فقال: إن الأمر إذا لشديد: «هذا حديث حسن صحيح»
يَومُ القيامةِ يومُ الحَسْرةِ والنَّدامةِ؛ فما مِن مَظلِمةٍ لِشَخصٍ على شَخصٍ إلَّا كان له مَغبَّةُ ذلك.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ الزُّبيرُ رَضِي اللهُ عَنه: لَمَّا نزَلَت: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: 31]"، والاختِصامُ هو التَّقاضي بينَ طرَفين لأخْذِ الحُقوقِ ومَعرفةِ المُحِقِّ مِن المُبطِلِ، كاختِصامِ أهلِ التَّوحيدِ وأهلِ الشِّركِ فيُنجِّي اللهُ الموحِّدين ويُعذِّبُ المشرِكين، كذلك التَّقاضي بينَ كلِّ خَصمَينِ في الدُّنيا بينَ يدَيِ اللهِ؛ لِيَأخُذَ كلُّ واحدٍ حقَّه، وقيل: مَعناه: يُخاصِمُهم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُقيمُ عليهم الحجَّةَ أنَّه قد بلَّغ الرِّسالةَ وأدَّى الأمانةَ، وقيل: يُخاصِمُ المؤمنُ الكافِرَ، والمظلومُ الظَّالِمَ.
"قال الزُّبيرُ: يا رسولَ اللهِ، أتُكرَّرُ"، أي: أتُعادُ "علينا الخُصومةُ بعدَ الَّذي كان بينَنا في الدُّنيا؟"، أي: ما كان مِن نِزاعاتٍ في الدُّنيا بينَ أيِّ مُتخاصِمَينِ؛ هل تُعادُ تِلك الخُصومةُ يومَ القِيامةِ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ؟ " قال"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "نعَم"، أي: الأمرُ كما قُلتُ لك؛ فكلُّ النِّزاعاتِ يُعادُ طَرحُها، "فقال"، أي: الزُّبيرُ: "إنَّ الأمرَ إذنْ لشَديدٌ"، أي: بالِغُ الشِّدَّةِ والعظَمةِ والرَّهبةِ؛ ففيه يَظهَرُ كلُّ ما فعَلْنا مِن حَسَناتٍ أو سيِّئاتٍ أو نِزاعاتٍ وخُصوماتٍ.
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن هولِ يومِ القِيامةِ وحسابِه.